لا أظن أن أحدًا من العلماء قد قُدِّم بحالة مختلفة عن صورته الحقيقة كما حصل مع الإمام أبي إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي (ت 790 هـ)؛ فلقد حرص كثير من المنحرفين على وضع اسم (الشاطبي) في واجهة تأويلاتهم المنحرفة للأحكام والنصوص الشرعية, واتخذوا من (موافقات) الشاطبي ذريعة للتهوين من كافَّة النصوص الجزئية بدعوى المصلحة أو العقل أو التمسك بالأصول والكليات و (بذلك يكون الشاطبي قد دشن قطيعة ايبستمولوجية حقيقية مع طريقة الشافعي وكل الأصوليين الذين جاؤوا بعده) (?).
فالشاطبي بهذا قد انفصل بمشروعه المقاصدي عن جادة العلماء في تتبع الفروع الفقهية والعناية بانصوص الجزئية لأنه قد: (دعا إلى ضرورة بنائها -أعنى الأصول- على مقاصد الشارع بدل بنائها على استثمار ألفاظ النصوص الدينية كما دأب على العمل بذلك علماء الأصول انطلاقًا من الشافعي) (?).