أما الاتجاه الثالث فهو محاولة للتوفيق بين الرأيين والجمع بين الاتجاهين، فجعل هناك سيادة للَّه وسيادة للأمة في الوقت نفسه (?).
حقيقة الخلاف بين هذه الاتجاهات:
لن تجد عناءً حين تفحص هذه الاتجاهات حتى تصل إلى نتيجة أنها متفقة في المضمون كان اختلفت في الصياغة، فليس ثم خلف حقيقي بين هذه الاتجاهات، فهي تتفق جميعًا على أن للأمة سلطة في اختيار الحكومة التي تتولى أمرها، ولها سلطة على مراقبتها ومحاسبتها وخلعها، وليس لأحد أن يفرض على الأمة ما لا تريد، غير أن هذه السلطة والسيادة مقيدة بحدود الشريعة الإسلامية، فلا تستطيع أن تخالفها، ولا مشروعية لهذه المخالفة، فهذه السيادة محكومة قانونًا بسيادة وسلطة أعلى منها.
فهذه صورة المسألة عند الاتجاهات الثلاثة جميعًا، فمن قال السيادة للَّه قصد أن التشريع والطاعة المطلقة للَّه، وأما الأمة فلها السلطان والحكم فيما لا يعارض الشريعة. ومن قال إن السيادة للأمة فيعني أن لها الاختيار فيما لا يتعارض مع الشريعة، فالمضمون متفق عليه والخلاف بينهما في تحديد مصطلح السيادة على أي شيء يكون؟ فهو خلف في تنزيل مصطلح السيادة لا غير.