وفينا الصالحون؟ قال: "نعم إذا كثر الخبث" (?).
وبقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده، لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر أو ليوشكنَّ اللَّه أن يبعث عليكم عقابًا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم" (?) فانتشار الخبث سبب لهلاك الناس حتى الصالحين منهم؛ ما دام وجودهم لم يكن سببًا للتقليل من الخبث الذي لن يتحقق بدون إلزام ومنع.
كما بيَّن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مراتب هذه الخيرية فجعل (الإلزام) و (المنع) هو أول هذه المراتب وأعلاها فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" (?).
وإذا زال (الإلزام) بأوامر اللَّه و (المنع) عن مناهي اللَّه لم يكن ثمَّ ميزة لهذه الأمة إلا مجرد أن تفعل المعروف وتترك المنكر، وإذا حَسُن أمرها نصحت بالكلام من غير نظام ولا إلزام ولا سلوك عام، وليس في هذا ميزة يُفتَخَر بها؛ لأن فعل المعروف ونصح بعض الناس به تفعله كل الأمم والحضارات، فأي شيء يميِّز أمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-؟
لا شك -بعد هذا- أن (الإلزام) و (المنع) سيكون بالحكمة والموعظة الحسنة، ولن يكون مردُّه إلى آحاد الناس مطلقًا، ولن يطالَب الإنسان بشيء من ذلك في حال الضعف وعدم القدرة، أو في حال ترتَّب عليه مفسدة أعظم منه، فكل ذلك