سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنَ أَحْمَدَ بْنَ الْخَضِرِ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ أَحْمَدَ الْحَافِظَ يَقُولُ: كُنَّا فِي مَجْلِسِ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ فِي مَنْزِلِهِ قُعُودًا تَحْتَ الشَّجَرَةِ، وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَيْهَا يَقْرَأُ عَلَيْنَا، وَكَانَ إِذَا رَفَعَ فِي الْمَجْلِسِ أَحَدٌ صَوْتَهُ، أَوْ تَبَسَّمَ قَامَ، فَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ مِنَّا عَلَى مُرَاجَعَتِهِ، قَالَ: فَوَقَعَ ذَرْقُ طَائِرٍ عَلَى يَدِي وَقَلَمِي وَكِتَابِي، فَضَحِكَ خَادِمٌ مِنْ خَدَمِ طَاهِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَوْلَادُهُ مَعَنَا فِي الْمَجْلِسِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ فَوَضَعَ الْكِتَابَ فَأُنْهَى ذَلِكَ الْخَبَرُ إِلَى السُّلْطَانِ، فَجَاءَنِي الْخَادِمُ عِنْدَ السَّحَرِ، وَمَعَهُ حَمَّالٌ عَلَى ظَهْرِهِ بَيْتُ سَامَانَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَمْلِكُ فِي الْوَقْتِ شَيْئًا أَحْمِلُهُ إِلَيْكَ غَيْرَ هَذَا، وَهُوَ هَدِيَّةٌ لَكَ، فَإِنْ سُئِلْتَ عَنِّي، فَقُلْ: لَا أَدْرِي مَنْ تَبَسَّمَ، فَقُلْتُ: أَفْعَلُ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الْغَدَاةِ وَحُمِلْتُ إِلَى بَابِ السُّلْطَانِ فَبَرَّأْتُ الْخَادِمَ مِمَّا قِيلَ، ثُمَّ بِعْتُ السَّامَانَ بِثَلَاثِينَ دِينَارًا فَاسْتَعَنْتُ بِهِ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْعِرَاقِ، وَبَارَكَ اللَّهُ لِي فِيهِ، فَلُقِّبْتُ بِالْحَصِيرِيِّ، وَمَا بِعْتُ الْحَصِيرَ، وَلَا بَاعَهُ أَحَدٌ مِنْ آبَائِي "