وسمع بعد ذلك بنفسه، على أبيه وخلق كثير، وكان يسمع مع الحافظين ابن عساكر وابن السمعاني، وقرأ بالروايات الكثيرة على أبي محمد سبط الخياط، وعلى أبي العلاء الهمذاني، وعلى أبي الحسن بن محمويه.
وتفقه في المذاهب والخلاف على شيخ الشافعية سعيد بن الرزاز، وقرأ العربية على ابن الخشاب، ولبس الخرقة من جده لأمه أبي البركات النيسابوري، وصحبه، ولازم ابن ناصر، فقرأ عليه الكثير، وعلى ابن الطلاية، وهذه الطبقة.
وطال عمره وانتهت إليه مشيخة العلم، وكان إماما صالحا قدوة، مقرئا مجودا كثير المحاسن.
ذكره ابن النجار، فقال: عمر حتى حدث بجميع مروياته مرارا، وقصده الطلبة من البلاد.
وكانت أوقاته محفوظة، فلا تمضي له ساعة إلا في قراءة أو ذكر أو تهجد أو تسميع، وكان كثير الحج والمجاورة والطهارة، لا يخرج إلا لحضور جمعة أو عيد أو جنازة.
ولا يحضر دور الرؤساء، ويديم الصوم غالبا، ويستعمل السنة في أموره، ويتواضع لجميع الناس، وكان ظاهر الخشوع غزير الدمعة، قد ألبس رداء من البهاء، وحسن الخلقة وقبول الصورة، وجلالة العبادة.
وكانت له في القلوب منزلة عظيمة، صحبته قريبا من عشرين سنة، وطفت البلاد، فما رأيت أكمل منه ولا أكثر عبادة، ولا أحسن سمتا، وقرأت عليه بالروايات وكان ثقة حجة.
وقال يحيى بن القاسم مدرس النظامية: كان ابن سكينة عالما عاملا، دائم التكرار لكتاب "التنبيه" كثير الإشتغال بـ"المهذب" و"الوسيط"، لا يضيع شيئا من وقته.
قلت: روى عنه موفق الدين بن قدامة، وتقي الدين بن الصلاح، والضياء وابن الدبيثي، وابن خليل وابن عبد الدائم، والنجيب عبد اللطيف، وغيرهم.
توفي في ربيع الآخر سنة سبع وستمائة1.
13- عبد الواحد بن عبد السلام بن السلطان أبو الفضل الأزجي، البيع المقرئ المعدل.