19815 - أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، إِجَازَةً أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ، حَدَّثَهُمْ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: " {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282]،

19816 - فَاحْتَمَلَ أَمْرُ اللَّهِ بِالْإِشْهَادِ عِنْدَ الْبَيْعِ أَمْرَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ دَلَالَةً عَلَى مَا فِيهِ الْحَظُّ بِالشَّهَادَةِ، وَمُبَاحٌ تَرْكُهَا لَا حَتْمًا يَكُونُ مَنْ تَرَكَهُ عَاصِيًا بِتَرْكِهِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ حَتْمًا مِنْهُ يَعْصِي مَنْ تَرَكَهُ بِتَرْكِهِ "،

19817 - وَالَّذِي أَخْتَارُ أَنْ لَا يَدَعَ الْمُتَبَايعَانِ الْإِشْهَادَ،

19818 - ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ فِي فَوَائِدِ الْإِشْهَادِ، وَأَنَّ الشَّهَادَةَ سَبَبُ قَطْعِ التَّظَالُمِ وَتَثْبِيتِ الْحُقُوقِ، وَكُلُّ أَمْرِ اللَّهِ، ثُمَّ أَمْرِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَيْرُ الَّذِي لَا يَعْتَاضُ مِنْهُ مَنْ تَرَكَهُ

19819 - قَالَ: وَالَّذِي يُشْبِهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَإِيَّاهُ أَسْأَلُ التَّوْفِيقَ - أَنْ يَكُونَ دَلَالَةً لَا حَتْمًا،

19820 - وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]

19821 - قَالَ: فَذَكَرَ أَنَّ الْبَيْعَ حَلَالٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَهُ بَيِّنَهً، وَقَالَ فِي آيَةِ الدَّيْنِ وَالدَّيْنُ تَبَايُعٌ: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282]

-[248]-

19822 - ثُمَّ قَالَ فِي سِيَاقِ الْآيَةِ: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283]،

19823 - فَلَمَّا أَمَرَ إِذْ لَمْ يَجِدُوا كَاتِبًا بِالرَّهْنِ، ثُمَّ أَبَاحَ تَرْكَ الرَّهْنِ، فَقَالَ: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283]، دَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ الْأَوَّلَ دَلَالَةٌ عَلَى الْحَظِّ لَا فَرْضًا مِنْهُ يَعْصِي مَنْ تَرَكَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

19824 - قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَقَدْ حُفِظَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ بَايَعَ أَعْرَابِيًّا فِي فَرَسٍ، فَجَحَدَ الْأَعْرَابِيُّ بِأَمْرِ بَعْضِ الْمُنَافِقِينَ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ، فَلَوْ كَانَ حَتْمًا لَمْ يُبَايِعْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَا بَيِّنَةٍ "

طور بواسطة نورين ميديا © 2015