18658 - قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي ذَكَرْنَا: قَامَتِ الْحَرْبُ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُرَيْشٍ، ثُمَّ أَغَارَتْ سَرَايَاهُ عَلَى أَهْلِ نَجْدٍ حَتَّى تَوَقَّى النَّاسُ لِقَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَوْفًا لِلْحَرْبِ دُونَهُ مِنْ سَرَايَاهُ، وَإِعْدَادِ مَنْ يَعْدِلُهُ مِنْ عَدُوِّهِ بِنَجْدٍ، وَمَنَعَتْ مِنْهُ قُرَيْشٌ أَهْلَ تِهَامَةَ، وَمَنَعَ أَهْلُ نَجْدٍ مِنْهُ أَهْلَ نَجْدٍ وَالْمَشْرِقَ
18659 - ثُمَّ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، فَسَمِعَتْ بِهِ قُرَيْشٌ فَجَمَعَتْ لَهُ، وَجَدَّتْ عَلَى مَنْعِهِ، وَلَهُمْ جُمُوعٌ أَكْبَرُ مِمَّنْ خَرَجَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي وَأُمِّي هُوَ، فَتَدَاعَوَا الصُّلْحَ فَهَادَنَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مُدَّةٍ، وَلَمْ يُهَادِنْهُمْ عَلَى الْأَبَدِ؛ لِأَنَّ قِتَالَهُمْ حَتَّى يُسْلِمُوا فَرْضٌ عَلَيْهِمْ إِذَا قَوِيَ عَلَيْهِمْ، وَكَانَتِ الْهُدْنَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ عَشْرَ سِنِينَ، وَنَزَلَ عَلَيْهِ فِي سَفَرِهِ فِي أَمْرِهِمْ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]
18660 - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَمَا كَانَ فِي الْإِسْلَامِ فَتْحٌ أَعْظَمُ مِنْهُ، وَكَانَتِ الْحَرْبُ قَدْ أَحْجَزَتِ النَّاسَ، فَلَمَّا أَمِنُوا لَمْ يُكَلَّمْ بِالْإِسْلَامِ أَحَدٌ يَعْقِلُ إِلَّا قَبِلَهُ، فَلَقَدْ أَسْلَمَ فِي سَنَتَيْنِ مِنْ تِلْكَ الْهُدْنَةِ أَكْثَرُ مِمَّنْ أَسْلَمَ قَبْلَ ذَلِكَ