16735 - وَبِإِسْنَادِهِ: قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا بَلَغَهُ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ , عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ , عَنْ حَمَّادٍ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَظُنُّهُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ تَزْنِي بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهَا: تُجْلَدُ وَتُنْفَى " ,
16736 - قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُمْ لَا يَقُولُونَ هَذَا يَقُولُونَ: لَا يُنْفَى أَحَدٌ زَانٍ , وَلَا غَيْرُهُ ,
16737 - وَنَحْنُ نَقُولُ: يُنْفَى الزَّانِي لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ , وَعُمَرَ , وَعُثْمَانَ , وَعَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ , وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ , وَأَبِي الدَّرْدَاءِ , وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ , كُلُّهُمْ قَدْ رَأَوَا النَّفْيَ ,
16738 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ , حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ , أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ , أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ , قَالَ قَائِلٌ: لَا أَنْفِي أَحَدًا فَقِيلَ لِبَعْضِ مَنْ يَقُولُ قَوْلَهُ: وَلِمَ رَدَدْتَ النَّفْيَ فِي الزِّنَا , وَهُوَ ثَابِتٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَبِي بَكْرٍ , وَعُمَرَ , وَعُثْمَانَ , وَعَلِيٍّ , وَابْنِ مَسْعُودٍ , وَالنَّاسِ عِنْدَنَا إِلَى الْيَوْمِ؟
16739 - قَالَ: رَدَدْتُهُ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ سَفَرًا يَكُونُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» ,
16740 - فَقُلْتُ لَهُ: سَفَرُ الْمَرْأَةِ شَيْءٌ حِيطَتْ بِهِ الْمَرْأَةُ فِيمَا يَلْزَمُهَا مِنَ الْأَسْفَارِ , وَقَدْ نُهِيَتْ أَنْ تَخْلُوَ فِي الْمِصْرِ بِرَجُلٍ , وَأُمِرَتْ بِالْقَرَارِ فِي بَيْتِهَا , وَقِيلَ لَهَا: صَلَاتُكِ فِي بَيْتِكِ أَفْضَلُ لِئَلَّا تَعْرَضِي أَنْ تُفْتَنِي أَوْ يُفْتَنَ بِكِ. وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يَلْزَمُهَا بِسَبِيلٍ , -[293]-
16741 - ثُمَّ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي الْجَوَابِ عَنْهُ إِلَى أَنْ قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَتْ بِبَادِيَةٍ لَا قَاضِيَ عِنْدَ قَرْيَتِهَا إِلَّا عَلَى ثَلَاثِ لَيَالٍ أَوْ أَكْثَرَ , فَادَّعَى عَلَيْهَا مُدَّعٍ حَقًّا , أَوْ أَصَابَتْ حَدًّا؟ ,
16742 - قَالَ: تُرْفَعُ إِلَى الْقَاضِي ,
16743 - قُلْنَا: مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ؟ ,
16744 - قَالَ: نَعَمْ ,
16745 - قُلْنَا: فَقَدْ أَبَحْتَ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ ثَلَاثًا أَوْ أَكْثَرَ مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ؟ ,
16746 - قَالَ: هَذَا يَلْزَمُهَا ,
16747 - قُلْنَا: فَهَذَا يَلْزَمُهَا بِرَأْيِكَ فَأَبَحْتَهُ لَهَا وَمَنَعْتَهَا مِنْهُ فِيمَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَ بِهِ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا ,
16748 - ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَلِمَ لَا يَكُونُ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى مَحْرَمٍ مَنْفِيًّا , وَالنَّفْيُ حَدُّهُ ,
16749 - قَالَ: فَقَدَ عُمَرُ رَجُلًا , وَقَالَ: لَا أَنْفِي بَعْدَهُ ,
16750 - قُلْنَا: عُمَرُ نَفَى فِي الْخَمْرِ، وَالنَّفْيُ فِي السُّنَّةِ عَلَى الزَّانِي وَالْمُخَنَّثِ , وَفِي الْكِتَابِ عَلَى الْمُحَارِبِ , وَهُوَ خِلَافُ نَفْيِهِمَا , فَإِنْ رَأَى عُمَرُ نَفْيًا فِي الْخَمْرِ , ثُمَّ رَأَى أَنَ يَدَعَهُ , فَلَيْسَ الْخَمْرُ بِالزِّنَا , وَقَدْ نَفَى عُمَرُ فِي الزِّنَا فَكَيْفَ لَمْ تَحْتَجَّ بِنَفْيِ عُمَرَ فِي الزِّنَا , وَقَدْ قُلْنَا نَحْنُ وَأَنْتَ: وَأَنَّ لَيْسَ فِي أَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَّةٌ -[294]-،
16751 - قَالَ أَحْمَدُ: جَاءَ مَنْ يَدَّعِي تَسْوِيَةَ الْآثَارِ عَلَى مَذْهَبِهِ وَعَارَضَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَخْبَارِ فِي نَفْيِ الْبِكْرِ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ , وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ. قَالَ: «إِذَا زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا , ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا , ثُمَّ إِنْ زَنَتْ , فَاجْلِدُوهَا , ثُمَّ بِيعُوهَا , وَلَوْ بِضَفِيرٍ» ,
16752 - وَقَالَ: إِنْ كَانَ سُكُوتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أُنَيْسٍ عَنْ ذِكْرِ الْجَلْدِ يَدُلُّ عَلَى رَفْعِ الْجَلْدِ فَسُكُوتُهُ هَا هُنَا عَنْ ذِكْرِ النَّفْيِ يَدُلُّ عَلَى رَفْعِ النَّفْيِ ,
16753 - قَالَ أَحْمَدُ: خَالَفَ هَذَا الشَّيْخُ حَدِيثَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ , وَأَبِي هُرَيْرَةَ , وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفْيِ الْبِكْرِ , وَخَالَفَ مَذْهَبَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فِيهِ , وَمَنْ رُوِّينَاهُ عَنْ سِوَاهُمْ , وَزَعَمَ أَنَّهُ ذَهَبَ فِيهِ إِلَى حَدِيثِ زَيْدٍ , وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا. وَهُوَ يُخَالِفُ حَدِيثَهُمَا فِي الْأَمَةِ فِيمَا وَرَدَ فِيهِ الْخَبَرُ , وَذَاكَ لِأَنَّ الْخَبَرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلسَّادَاتِ أَنْ يَجْلِدُوا إِمَاءَهُمْ إِذَا زَنَيْنَ , وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ السَّادَاتِ , فَهُوَ مُخَالِفٌ لِجَمِيعِ مَا وَرَدَ فِيهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ ,
16754 - وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فَإِنَّهُ قَالَ بِالْأَحَادِيثِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي نَفْيِ الْبِكْرِ. وَقَالَ: بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي جَلْدِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ إِذَا زَنَتْ
16755 - وَأَمَّا نَفْيُهَا فَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ , حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ , أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ , قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي نَفْيِهِمَا يَعْنِي نَفْيَ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ , فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يُنْفَيَانِ , كَمَا لَا يُرْجَمَانِ , وَلَوْ نُفِيَا نِصْفَ سَنَةٍ , وَهَذَا مِمَّا أَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِيهِ " , -[295]-
16756 - فَهُوَ ذَا يُشِيرُ إِلَى التَّوَقُّفِ فِي نَفْيِهِمَا , وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ أَصْحَابِنَا إِلَى أَنَّهُمَا لَا يُنْفَيَانِ ,
16757 - وَحَكَاهُ أَبُو الزِّنَادِ عَنْ أَصْحَابِهِ , وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ ,
16758 - فَعَلَى هَذَا قَدْ قُلْنَا بِظَاهِرِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ لَمْ نُخَالِفْ شَيْئًا مِنْهَا , وَإِنْ قُلْنَا بِنَفْيِهِمَا فَلَمْ نُخَالِفْ فِيمَا قُلْنَا إِجْمَاعًا , فَقَدْ رَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ صَاحِبُ الْخِلَافِيَّاتِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ حَدَّ مَمْلُوكَةً لَهُ فِي الزِّنَا , وَنَفَاهَا إِلَى فَدَكَ