16562 - قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْمُرْتَدِّ , فَقَالَ: مِنْهُمْ قَائِلٌ: مَنْ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ ثُمَّ ارْتَدَّ إِلَى دِينٍ يُظْهِرُهُ أَوْ لَا يُظْهِرُهُ , لَمْ يُسْتَتَبْ , وَقُتِلَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَوَاءٌ مَنْ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ , وَمَنْ أَسْلَمَ لَمْ يُولَدْ عَلَيْهَا , فَأَيُّهُمَا ارْتَدَّ فَكَانَتْ رِدَّتُهُ إِلَى يَهُودِيَّةٍ أَوْ نَصْرَانِيَّةٍ أَوْ دِينٍ يُظْهَرُ اسْتُتِيبَ , فَإِنْ تَابَ قُبِلَ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ ,
16563 - وَإِنْ كَانَتْ رِدَّتُهُ إِلَى دِينٍ لَا يُظْهَرُ مِثْلُ الزَّنْدَقَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا قُتِلَ , وَلَمْ يُنْظَرْ إِلَى تَوْبَتِهِ ,
16564 - قَالَ فِي الْقَدِيمِ: وَقَدْ رَوَى بَعْضُ , مُحَدِّثِينَا فِي هَذَا شَيْئًا يُشْبِهُ هَذَا عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ ,
16565 - وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ , مِثْلَهُ , وَهُوَ كَالضَّعِيفِ عَنْ عَلِيٍّ , -[243]-
16566 - قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ رُوِّينَا عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ , أَنَّهُ قَالَ فِي الزِّنْدِيقِ: يُقْتَلُ وَلَا يُسْتَتَابُ , -[244]-
16567 - وَعَنَ ابْنِ شِهَابٍ: إِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ , فَإِنَّهُ يُقْتَلُ وَإِنْ جَاءَ مُعْتَرِفًا تَائِبًا , فَإِنَّهُ يُتْرَكُ مِنَ الْقَتْلِ ,
16568 - وَأَمَّا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , فَإِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْنِي عَنْهُ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ ,
16569 - وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ قَابُوسَ بْنِ الْمُخَارِقِ , عَنْ أَبِيهِ , أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ , كَتَبَ إِلَى عَلِيٍّ يَسْأَلُهُ عَنْ زَنَادِقَةٍ مُسْلِمَيْنَ , قَالَ عَلِيُّ: «أَمَا الزَّنَادِقَةَ فَيُعْرَضُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ , فَإِنْ أَسْلَمُوا , وَإِلَّا قُتِلُوا» ,
16570 - قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَوَاءٌ مَنْ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ وَمَنْ لَمْ يُولَدْ عَلَيْهَا إِذَا أَسْلَمَ , فَأَيُّهُمَا ارْتَدَّ اسْتُتِيبَ , فَإِنْ تَابَ قُبِلَ مِنْهُ , وَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ ,
16571 - قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا أَقُولُ
16572 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو , حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ , أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ , قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: " {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لِرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لِرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1] إِلَى قَوْلِهِ: {فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ} [التوبة: 87] " ,
16573 - قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَبَيَّنَ أَنَّ إِظْهَارَ الْإِيمَانِ مِمَّنْ لَمْ يَزَلْ مُشْرِكًا حَتَّى يُظْهِرَ الْإِيمَانَ , وَمِمَّنْ أَظْهَرَ الْإِيمَانَ ثُمَّ أَشْرَكَ بَعْدَ إِظْهَارِهِ ثُمَّ إِظْهَارُ الْإِيمَانِ مَانِعٌ لِدَمِ مَنْ أَظْهَرَهُ فِي أَيِّ هَذَيْنِ الْحَالَيْنِ كَانَ , وَإِلَى أَيِّ كُفْرٍ صَارَ ,
16574 - وَسَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَأَخْبَرَ اللَّهُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ بِالْكُفْرِ , وَحَكَمَ فِيهِمْ بِعِلْمِهِ مِنْ أَسْرَارِ خَلْقِهِ مَا لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ مِنْ أَنَّهُمْ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنِ النَّارِ , -[245]- وَأَنَّهُمْ كَاذِبُونَ بِإِيمَانِهِمْ , وَحَكَمَ فِيهِمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي الدُّنْيَا بِأَنَّ مَا أَظْهَرُوا مِنِ الْإِيمَانِ , وَإِنْ كَانُوا بِهِ كَاذِبِينَ لَهُ جُنَّةٌ مِنِ الْقَتْلِ , وَبَيَّنَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ