13285 - قَالَ الشَّافِعِيُّ: «صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ ذِمَّةِ الْيَمَنِ عَلَى دِينَارٍ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ كُلَّ سَنَةٍ، وَكَانَ فِي سُنَّتِهِ أَنْ يُؤْخَذَ دِينَارٌ أَوْ قِيمَتُهُ مِنَ الْمَعَافِيرِ». فَلَعَلَّ مُعَاذًا، لَوْ أُعْسِرُوا بِالدَّنَانِيرِ، أَخَذَ مِنْهُمُ الشَّعِيرَ وَالْحِنْطَةَ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مَا عِنْدَهُمْ.
13286 - وَإِذَا جَازَ أَنْ يَتْرُكَ الدِّينَارَ لِعَرَضٍ، فَلَعَلَّهُ جَازَ عِنْدَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ طَعَامًا وَغَيْرَهُ مِنَ الْعَرْضِ بِقِيمَةِ الدِّينَارِ، فَأَسْرَعُوا إِلَى أَنْ يُعْطُوهُ مِنَ الطَّعَامِ لِكَثْرَتِهِ عِنْدَهُمْ، فَيَقُولُ: الثِّيَابُ خَيْرٌ لِلْمُهَاجِرِينَ بِالْمَدِينَةِ، وَأَهْوَنُ عَلَيْكُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا مُؤْنَةَ كَبِيرَةً فِي الْمَحْمَلِ لِلثِّيَابِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَالثِّيَابُ بِهَا أَغْلَى مِنْهَا بِالْيَمَنِ.
13287 - وَاسْتَدَلَّ عَلَى هَذَا بِمَا رُوِيَ مِنْ، قَضَاءِ مُعَاذٍ فِي الْعُشْرِ وَالصَّدَقَةِ.
13288 - قَالَ: وَمُعَاذٌ إِذْ حَكَمَ بِهَذَا كَانَ مِنْ أَنْ يَنْقِلَ صَدَقَةَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الصَّدَقَةِ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ الَّذِينَ أَكْثَرُهُمْ أَهْلُ الْفَيْءِ أَبْعَدُ.
13289 - قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِهِمْ، آخُذُهَا مِنْكُمْ مَكَانَ الصَّدَقَةِ، وَقَدْ حَمَلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى مَا كَانَ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ بِاسْمِ الصَّدَقَةِ.
13290 - قَالَ الشَّافِعِيُّ وَطَاوُسٌ: لَوْ ثَبَتَ عَنْ مُعَاذٍ شَيْءٌ لَمْ نُخَالِفْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَطَاوُسٌ يَحْلِفُ، مَا يَحِلُّ بَيْعُ الصَّدَقَاتِ قَبْلَ أَنْ تُقْبَضَ، وَلَا بَعْدَ أَنْ تَقْبَضَ، وَلَوْ كَانَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَنِ احْتَجَّ عَلَيْنَا بِأَنَّ مُعَاذًا بَاعَ الْحِنْطَةَ وَالشَّعِيرَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِالثِّيَابِ، كَانَ بَيْعُ الصَّدَقَةِ قَبْلَ أَنْ تُقْبَضَ، وَلَكِنَّهُ عِنْدَنَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا.
13291 - قَالَ أَحْمَدُ: وَكِلَا الْحَدِيثَيْنِ عَنْ مُعَاذٍ مُنْقَطِعٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ -[322]-.
13292 - قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: كَانَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ جَاءَ أَبَا بَكْرٍ بِصَدَقَاتٍ، وَالزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ فَهُمَا وَإِنْ جَاءَا بِمَا فَضَلَ عَنْ أَهْلِهَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْمَدِينَةُ أَقْرَبَ النَّاسِ نَسَبًا وَدَارًا مِمَّنْ يَحْتَاجُ إِلَى سَعَةٍ، مِنْ مُضَرَ وَطَيِّئٍ مِنَ الْيَمَنِ،
13293 - وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَنْ حَوْلَهُمُ ارْتَدَّ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَقٌّ فِي الصَّدَقَةِ، وَيَكُونُ بِالْمَدِينَةِ أَهْلُ حَقٍّ، هُمْ أَقْرَبُ مِنْ غَيْرِهِمْ،
13294 - وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُؤْتَى بِهَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، ثُمَّ يَأْمُرُ بَرَدِّهَا إِلَى غَيْرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ،
13295 - وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ خَبَرٌ نَصِيرُ إِلَيْهِ.
13296 - فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ عُمَرَ كَانَ يَحْمِلُ عَلَى إِبِلٍ كَثِيرَةٍ إِلَى الشَّامِ وَالْعِرَاقِ. قُلْتُ: لَيْسَتْ مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَحْمِلُ عَلَى مَا يَحْتَمِلُ مِنَ الْإِبِلِ، وَأَكْثَرُ فَرَائِضِ الْإِبِلِ لَا يَحْمِلُ أَحَدًا