والأشياء الَّتِي كل وَاحِد مِنْهَا مقدم على شَيْء يمْنَع أَن يكون نَفسه ومعرفا بِهِ، ومعرف الشَّيْء لَيْسَ بِوَاجِب أَن يعرف شَيْئا من أَجْزَائِهِ أصلا؛ لجَوَاز استغنائها بأسرها. وتعريف الْمَوْصُوف مُتَوَقف على كَون الْوَصْف الْمُعَرّف بِحَيْثُ يلْزم من تصَوره تصَوره بِعَيْنِه، وَذَلِكَ إِنَّمَا يتَوَقَّف حُصُوله، وشموله فِي نفس الْأَمر لَا على الْعلم بهما. قَالَ القَاضِي رَحمَه الله: وَهُوَ ضَعِيف؛ لِأَن تقدم كل وَاحِد لَا يَقْتَضِي تقدم الْكل من حَيْثُ هُوَ كل ومجموع لتدل على الْمُغَايرَة، وَلَو كَانَت الْأَجْزَاء بأسرها حَتَّى الصُّورِي مَعْلُومَة كَانَت الْمَاهِيّة مَعْلُومَة، وَإِلَّا لم يفد التَّحْدِيد، وَلَو استلزم الْخَارِجِي تصَوره، فَإِن كَانَ متصورا كَانَ الْمَلْزُوم متصورا؛ فاستغنى عَن التَّعْرِيف، وَإِن لم يكن متصورا امْتنع التَّعْرِيف، بل الْجَواب الْحق أَن الْأَجْزَاء على انفرادها مَعْلُومَة، والتحديد: استحضارها مَجْمُوعَة بِحَيْثُ يحصل فِي الذِّهْن صُورَة مُطَابقَة للمحدود، فَكَذَا الرَّسْم إِذا كَانَ مركبا، وَأما مُفردا فَلَا يُفِيد.
قيل: إِن كَانَ الْمَطْلُوب مشعورا امْتنع تَحْصِيله، وَإِن لم يكن مشعورا بِهِ امْتنع طلبه. وَأجِيب بِأَن توجه الطّلب نَحْو الشَّيْء المشعور بِهِ بِبَعْض اعتباراته؛ فَلَا يكون مُمْتَنعا. وَالله أعلم.