من هذا يتبيّن بجلاء ووضوح مدى الجهد العظيم الذي بذله «أبو القاسم الهذلي» من أجل معرفة قراءات القرآن، وهكذا تكون الهمم العالية في طلب العلم، وبخاصة ما يتصل بالقرآن الكريم.

لقد احتل «أبو القاسم الهذلي» شهرة عظيمة، ومكانة سامية بين الخاص والعام، مما جعل الكثيرين يثنون عليه، وقد ذكره تلاميذه الذين أخذوا عنه القراءات، وكلهم أثنى عليه.

يقول «الحافظ الذهبي»: «وذكره «عبد الغفار» ونعته بأنه ضرير- فكأنه عمي في آخر عمره- وقد كان أرسله «نظام الملك» الوزير ليجلس في مدرسته بنيسابور- هي المدرسة النظامية- فقعد سنين، وأفاد، وكان مقدما في النحو، والصرف، عارفا بالعلل، كان يحضر مجلس «أبي القاسم القشيري» ويقرأ عليه الأصول في الفقه، وكان «القشيري» يراجعه في مسائل النحو، ويستفيد منه، وكان حضوره في سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، إلى أن توفي» (?).

وكما أخذ «أبو القاسم الهذلي» القراءات عن مشاهير القراء، أخذ أيضا حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: «وحدث عن «أبي نعيم الحافظ» وجماعة» اه (?).

لم يقتصر «أبو القاسم الهذلي» على تلقّي القراءات، والحديث، ثم تعليمهما، بل أفاد من ذلك فائدة كبيرة، وصنف الكتب المفيدة، وفي هذا المقام يقول عن نفسه:

«وألفت هذا الكتاب- يعني الكامل- فجعلته جامعا للطرق المتلوّة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015