بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة
للدكتور حسين نصار
اللغة العامية: اللغة التي نتخاطب بها في كل يوم، عما يعرض لنا من شئون حياتنا مهما اختلفت أقدارنا ومنازلنا: لسان المتعلمين منا وغير المتعلمين، على اختلاف فئاتهم وحرفهم، والمثقفين وغير المثقفين، أهل الصحراء وأهل الوادي، من سكن منهم المدن ومن استوطن الريف، وأهل القاهرة، والوجه البحري على اتساعه بين الشرق والمغرب، والصعيد على امتداده من الشمال الى أقصى الجنوب.
يتقارب المتحدثون بهذه «اللغة العامية» على «اختلاف أقدارهم ومنازلهم» فيتم التفاهم في يسر وسرعة في أكثر الأحيان. ويتباعدون بسبب هذا الاختلاف حتى يتعذر التفاهم، على الرغم من أن المتحاورين من أبناء مصر.
يتعذر التفاهم بسبب كلمة يستعملها أحدهم ولا يعرفها الآخر، وكلمة أعطاها أحدهم معنى أنكره الآخر عليه أو أعطاها معنى غيره، وكلمة غير أحدهم في بعض حروفها تقديما وتأخيرا، أو ابدالا بحروف أخرى، فلم يهتد اليها صاحبه، وكلمة غاير المتكلم في حركاتها ما لا يغاير سامعه، وكلمة مد المتحدث بصوته فيها أو في بعض حروفها فأضاف اليها أحد حروف اللين، أو أسرع فيها حتى أخفى أحد هذه الحروف، وكلمة قصر صوتها عن أداء المعنى الذي أراده المتحاور فألحق بها بعض الحروف لتفي بما أراد، وكلمة تحبب فيها الناطق أو أهمل فحذف من آخرها بعض الحروف ترخيما.
كل ذلك كان في «اللغة العامية» المستعملة في مصر، وما يزال. وكان فيما عرفت غير مصر من أقطار العروبة من «لغات عامية»، وما يزال.