وَلَا لَهُمْ إذَا اعْتَمَرُوا وَحَجُّوا
مِنْ الْحَجَرَيْنِ وَالْمَسْعَى نَصِيبُ
وَلَكِنَّ الرَّجِيعَ لَهُمْ مَحَلٌّ
بِهِ اللُّؤْمُ الْمُبِينُ وَالْعُيُوبُ
قُلْت: الْمَسْعَى مَكَانُ السَّعْيِ لِلْحَجِّ، وَهُوَ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَحْدِيدٍ، فَالْكُلُّ يَعْرِفُهُ، وَهُوَ شَارِعٌ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنْ جَانِبِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مُلَاصِقٌ لَهُ مِنْ الشَّرْقِ.
أَمَّا «الْحِجْرَانِ» فَقَدْ أَرَادَ «الْحِجْرَ» حِجْرَ الْكَعْبَةِ وَحِجْرَ إسْمَاعِيلَ، وَهُمَا وَاحِدٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَالْغَرِيبُ فِي مَا حَدَثَ يَوْمَ الرَّجِيعِ وَقَتْلُ أُولَئِكَ الْمُؤْمِنِينَ هُنَاكَ، أَنَّ الَّذِي طَلَبَهُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ عَضَلٌ وَالْقَارَةُ، وَهُمْ الَّذِينَ غَدَرُوا وَاسْتَصْرَخُوا لِحْيَانَ وَبُطُونًا مِنْ هُذَيْلٍ، غَيْرَ أَنَّ الَّذِي ذَهَبَ بِالسُّبَّةِ هُمْ هُذَيْلٌ، وَلَمْ نَرَ مَنْ شَهَّرَ بِعَضَلِ وَالْقَارَةِ، بَيْنَمَا كَانَتْ أَوْلَى بِالسَّبِّ مِنْ هُذَيْلٍ.
مُسْلِحٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَلَامٍ مَكْسُورَةٍ وَآخِرُهُ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ: جَاءَ فِي ذِكْرِ مَسِيرَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى بَدْرٍ، قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ ارْتَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا اسْتَقْبَلَ الصَّفْرَاءَ، وَهِيَ قَرْيَةٌ بَيْنَ جَبَلَيْنِ، سَأَلَ عَنْ جَبَلَيْهَا مَا اسْمُهُمَا، فَقَالُوا: يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا، هَذَا: مُسْلِحٌ، وَلِلْآخَرِ هَذَا مُخْرِئٌ.
وَسَأَلَ عَنْ أَهْلِهَا، فَقِيلَ: بَنُو النَّارِ وَبَنُو حُرَّاقٍ، بَطْنَانِ مِنْ غِفَارٍ، فَكَرِهَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمُرُورَ بَيْنَهُمَا - يَعْنِي