الْأُرْدُنُّ فِي الْعُصُورِ الْحَدِيثَةِ: كَانَ فِي عَهْدِ الْأَتْرَاكِ مُقَسَّمًا، بَعْضُهُ يَتْبَعُ دِمَشْقَ وَبَعْضُهُ يَتْبَعُ بَيْرُوتَ وَآخَرُ يَتْبَعُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ. وَبَعْدَ أَنْ وَضَعَتْ الْحَرْبُ الْعَالَمِيَّةُ الْأُولَى أَوْزَارَهَا وَأَغَارَ الْمُنْتَصِرُونَ فَاقْتَسَمُوا بِلَادَ الْعَرَبِ غَنَائِمَ حَرْبٍ، تَوَجَّهَ الْأَمِيرُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ - الْمَلِكُ فِيمَا بَعْدُ - إلَى بِلَادِ الشَّامِ فَنَزَلَ مَعَانٍ مِنْ أَرْضِ الشُّرَاةِ، فَاسْتَطَاعَ أَنْ يُؤَسِّسَ إمَارَةً عَرَبِيَّةً جَعَلَ عَاصِمَتَهَا عُمَّانَ، فَسُمِّيَتْ هَذِهِ الْإِمَارَةُ إمَارَةَ شَرْقِ الْأُرْدُنِّ، ذَلِك أَنَّ الْأُرْدُنَّ أَصْبَحَ عَلَمًا عَلَى النَّهْرِ الَّذِي يَأْخُذُ مِنْ بُحَيْرَةِ الْحُوَلَةِ وَيَصُبُّ فِي الْبَحْرِ الْمَيِّتِ، وَهَذِهِ الْإِمَارَةُ تَشْمَلُ الْأَرْضَ الْوَاقِعَةَ إلَى الشَّرْقِ مِنْ ذَلِك النَّهْرِ، وَبِالتَّحْدِيدِ: مِنْ الْمَدُورَةِ - سَرْغٌ قَدِيمًا - جَنُوبًا، إلَى الرَّمْثَاءِ - فِي حَوْرَانَ - شَمَالًا، وَمِنْ نَهَرِ الْأُرْدُنِّ غَرْبًا إلَى أَعْمَاقِ صَحْرَاءِ الْعَرَبِ شَرْقًا، وَتَطُلُّ عَلَى رَأْسِ الْبَحْرِ الْأَحْمَرِ بِمِينَائِهَا الْوَحِيدِ «الْعَقَبَةِ».
وَبَعْدَ انْتِهَاءِ الْحَرْبِ بَيْنَ الْعَرَبِ وَالْيَهُودِ سَنَةَ 1368 هـ 1948 م كَانَ الْجَيْشُ الْأُرْدُنُّيُّ قَدْ اسْتَطَاعَ أَنْ يُحَافِظَ عَلَى جُزْءٍ كَبِيرٍ وَمُهِمٍّ مِنْ فِلَسْطِينَ، يَشْمَلُ مَدِينَةَ الْقُدْس ِ وَنَابُلُسَ وَجُنَيْنٍ وَالْخَلِيلِ وَأَرِيحَا، وَمُدُنًا كَثِيرَةً أُخْرَى. فَاخْتَارَ أَهْلُ الْقِسْمِ الْمُحَرَّرِ مِنْ فِلَسْطِينَ الِانْضِمَامَ إلَى شَرْقِ الْأُرْدُنِّ فَتَكَوَّنَتْ الْمَمْلَكَةُ الْأُرْدُنُّيَّةُ الْهَاشِمِيَّةُ، وَسُمِّيَتْ مِنْطَقَةُ شَرْقِ الْأُرْدُنِّ الضَّفَّةَ الشَّرْقِيَّةَ، وَسُمِّيَتْ الْمِنْطَقَةُ الْمُحَرَّرَةُ مِنْ فِلَسْطِينَ الضَّفَّةَ الْغَرْبِيَّةَ.
غَيْرَ أَنَّ الْحَرْبَ عَادَتْ مَرَّةً ثَانِيَةً بَيْنَ الْعَرَبِ وَالْيَهُودِ، أَثَارَهَا مَنْ لَا يَعْرِفُ إمْكَانِيَّاتِهِ وَلَيْسَتْ لَدَيْهِ خِبْرَةٌ بِشُؤُونِ الْعَرَبِ الْيَوْمَ وَقُدُرَاتِهِمْ، فَاحْتَلَّ الْيَهُودُ مَا كَانَ بَاقِيًا مِنْ فِلَسْطِينَ سَنَةَ 1387 هـ 1967 م.