الْخَوَرْنَقُ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْوَاوِ، وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ النُّونِ، وَآخِرُهُ قَافٌ: جَاءَ فِي قَوْلِ أَعْشَى بَنِي قَيْسٍ، أَوْ قَوْلِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَعْفُرَ النَّهْشَلِيّ، قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ هُوَ لِلْأَعْشَى، وَعَقَّبَ عَلَيْهِ ابْنُ هِشَامٍ بِأَنَّهُ لِلْأَسْوَدِ:
بَيْنَ الْخَوَرْنَقِ وَالسَّدِيرِ وَبَارِقٍ
وَالْبَيْتِ ذِي الْكَعَبَاتِ مِنْ سِنْدَادِ
وَيُقَالُ: الْبَيْتُ ذِي الشُّرُفَاتِ مِنْ سِنْدَادِ
وَكَانَ الْخَوَرْنَقُ قَصْرًا بِالْحِيرَةِ مِنْ ظَاهِرِهَا بَيْنَ نَهْرِ الْفُرَاتِ، وَالْبَرِّ، يُشْرِفُ عَلَى النَّجَفِ. بَنَاهُ - عَلَى أَرْجَحِ مَا قِيلَ - النُّعْمَانُ بْنُ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ عَمْرٍو اللَّخْمِيّ، وَقَدْ حَكَمَ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَكَانَ الَّذِي بَنَى الْخَوَرْنَقَ رَجُلٌ مِنْ الرُّومِ يُقَالُ لَهُ سِنِمَّارُ، بَنَاهُ فِي سِتِّينَ سَنَةً، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بِنَائِهِ وَنَظَرَ إلَيْهِ النُّعْمَانُ فَأَعْجَبَهُ قَالَ لَهُ سِنِمَّارُ: إنِّي أَعْرِفُ مَوْضِعَ آجُرَّةٍ لَوْ زَالَتْ انْقَضَّ الْقَصْرُ مِنْ أَسَاسِهِ! فَقَالَ لَهُ: أَيَعْرِفُهَا >>>>>> الأماكن"> أَحَدٌ غَيْرَك؟ قَالَ: لَا. قَالَ: لَأَدَعَنَّهَا وَمَا يَعْرِفُهَا >>>>> الأماكن"> أَحَدٌ فَأَمَرَ بِهِ فَقُذِفَ بِهِ مِنْ أَعْلَى الْقَصْرِ فَقَضَى. فَضَرَبَتْ الْعَرَبُ بِفِعْلِهِ الْمَثَلَ، فَقِيلَ: جَزَاءُ سِنِمَّارَ. لِمَنْ يُجَازِي عَلَى الْفِعْلِ الْحَسَنِ بِالسُّوءِ «مُلَخَّصٌ مِمَّا ذُكِرَ فِي مُعْجَمِ الْبُلْدَانِ».
وَفِي «مُرُوجِ الذَّهَبِ»: مَلَكَ النُّعْمَانُ بْنُ امْرِئِ الْقَيْسِ - قَاتِلُ الْفُرْسِ - خَمْسًا وَسِتِّينَ سَنَةً. وَلَمْ يُذْكَرْ خَوَرْنَقُ عِنْدَ ذِكْرِ النُّعْمَانِ، وَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ «الْبَادِيَةِ»: اللِّوَاءُ عَبْدُ الْجَبَّارِ الرَّاوِي، وَلَكِنِّي لَا أَعْتَقِدُ اخْتِفَاءَهُ تَمَامًا، فَلَعَلَّهُ - الْيَوْمَ - مَعْلُومٌ مِنْ آثَارِ الْحِيرَةِ. وَكَانَ الْخَوَرْنَقُ لَا يُذْكَرُ إلَّا مَعَ