وسبع مئة، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الإِمَامُ شَيْخُ الإِسْلامِ مُحْيِي الدِّينِ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ شَرَفِ بْنِ مُرِّيِّ بْنِ حَسَنِ بْنِ حُسَيْنٍ النَّوَاوِيُّ الشَّافِعِيُّ سَمَاعًا عَلَيْهِ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلاتُهُ وَسَلامُهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ، وَعَلَى آلِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ أَجْمَعِينَ، وأشهد أن لا إله إلا الله الْكَرِيمُ الْوَهَّابُ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ ((التَّنْبِيهَ)) مِنَ الْكُتُبِ الْمَشْهُورَاتِ النَّافِعَاتِ الْمُبَارَكَاتِ، فَيَنْبَغِي لِمُرِيدِ نُصْحِ الْمُسْتَرْشِدِينَ وَهِدَايَةِ الطَّالِبِينَ أَنْ يَعْتَنِيَ بِتَقْرِيبِهِ وَتَحْرِيرِهِ وَتَهْذِيبِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ بَيَانُ مَا يُفْتَى بِهِ مِنْ مَسَائِلِهِ، فَإِنَّ فِيهِ مَسَائِلَ كَثِيرَةً فِيهَا خلافٌ مطلقٌ بِلا تَرْجِيحٍ، وَمَسَائِلَ جَزَمَ بِهَا أَوْ صَحَّحَ فِيهَا خِلافَ الصَّحِيحِ عِنْدَ الأَصْحَابِ وَالْمُحَقِّقِينَ وَالأَكْثَرِينَ مِنْهُمْ، وَمَوَاضِعَ يَسِيرَةً جِدًّا هِيَ غلطٌ لَيْسَ فِيهَا خلافٌ، وَقَدِ استخرت الله الكريم الرؤوف الرَّحِيمَ فِي جَمْعِ كُرَّاسَةٍ تُحَصِّلُ بَيَانَ جَمِيعِ ذَلِكَ وَتَشْتَمِلُ عَلَى نَفَائِسَ أُخْرَى، أُبَيِّنُ فِيهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَا هُوَ الرَّاجِحُ وَبِهِ الْفَتْوَى عِنْدَ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ وَعَارِفِيهِ، فَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَهُوَ مَجْزُومٌ بِهِ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ أَوْ هُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَهُمْ سَكَتُّ عَلَيْهِ، وَسُكُوتِي تقريرٌ لِلْعَمَلِ بِهِ، وَمَا أَطْلَقَ فِيهِ خِلافًا بَيَّنْتُ رَاجِحَهُ، وَمَا جَزَمَ بِهِ أَوْ صَحَّحَهُ وَالرَّاجِحُ عِنْدَ الأَصْحَابِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ وَمُحَقِّقِيهِمْ خِلافَهُ ذَكَرْتُهُ فَقُلْتُ: ((الأَصَحُّ كَذَا وَكَذَا)) ، ثُمَّ أَعْطِفُ عَلَيْهِ، وَمَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَكْثَرُ الأَصْحَابِ وَكَانَ الرَّاجِحُ فِي الدَّلِيلِ خِلافَهُ، وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ قُلْتُ: ((الْمُخْتَارُ كَذَا)) ، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْهُ، قُلْتَ: ((وَالأَصَحُّ كَذَا)) ، ثُمَّ عَطَفْتُ عَلَيْهِ، وَمَا كَانَ غَلَطًا مَحْضًا لَيْسَ فِيهِ خِلافٌ قُلْتُ: ((الصَّوَابُ كَذَا)) ، فَإِذَا فَرَغْتُ مِنْهُ قُلْتُ: ((وَالأَصَحُّ كَذَا)) ، وَلا أَسْتَعْمِلُ الأَصَحَّ إِلا فِيمَا فِيهِ خِلافٌ وَإِنْ كَانَ غَرِيبًا وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ هَذَا الأَخِيرَ لأَنَّ فِي (التَّنْبِيهِ) مَسَائِلَ يَظُنُّهَا مَنْ لا اطِّلاعَ لَهُ غَلَطًا وَأَنَّهُ لا خِلافَ فِيهَا، وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ، وَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ: جَازَ، وَقِيلَ: لا يَجُوزُ، أَوْ صَحَّ، وَقِيلَ: لا يَصِحُّ، أَوْ وَجَبَ، وَقِيلَ: لا يَجِبُ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ صِيَغِ الْجَزْمِ فَهُوَ تَرْجِيحٌ مِنْهُ لِلأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَ هُوَ الرَّاجِحُ