لا تَطْمَعَنَّ فَقَدْ مَضَى حُكْمُ الْهَوَى ... أَنْ لا يُقَادَ مِنَ الْحَبِيبِ الْجَانِي
وَعَدَ الزِّيَارَةَ ثُمَّ أَخْلَفَ قَائِلا ... يَا سُوءَ حَظٍّ مِنْكَ قَدْ أَنْسَانِي
لا تَهْلِكَنَّ أَسًى فَلَوْلا أَنَّنِي ... أَنْسَى لَمَا سُمِّيتُ بِالإِنْسَانِ
حَاكَمْتُهُ فِي أَخْذِ قَلْبِي وَالْكَرَى ... كَيْ يَخْلُصَا لِي مِنْهُ أَوْ أَرْشَانِ
فَقَضَى عَلَيَّ الْحُبُّ أَنَّهُمَا لَهُ مُلْكًا ... وَقَالَ الْحُسْنُ قَدْ أَرْشَانِي
مَنْ لِي مجيرٌ من يدي جور الهوى ... والقلب وسط قلبيه أَلْقَانِي
فِي أَسْرِ ظَبْيٍ ثَغْرُهُ وَخُدُودُهُ ... رَاحِي وريحاني ووردي القاني
مالي سِوَى حَسَنِي أَبِي الْحَسَنِ الَّذِي ... عَمَّ الْوُجُودَ فَمَا لَهُ مِنْ ثَانِي
قَاضِي الْقُضَاةِ الْمَنْهَلُ الْعَذْبُ ... الْمُقِيمُ الْحَقَّ لا يُثْنِيهِ عَنْهُ ثَانِي
فَبَنَانُهُ سُحْبُ النَّدَى وَبَيَانُهُ ... بفصاحةٍ أَوْفَى عَلَى سُحْبَانِ
وَوُجُودُهُ جَادَ الشَّآمَ وَجُودُهُ ... لِقَوَاعِدِ الْعُلْيَا بِسَحٍّ بَانِي
مَنْ ذَا يَعُدُّ فَضَائِلا جُمِعَتْ لَهُ ... لَوْ رُمْتُ حَصْرَ يَسِيرِهَا أَعْيَانِي
مَنْ حَازَ مِنْهَا خُلَّةً أَوْ بَعْضَهَا ... أَضْحَى يُعَدُّ بِهَا مِنَ الأَعْيَانِ
لَمَّا بَدَا فِي خلعةٍ كَفِعَالِهِ ... بَيْضَاءَ ذِي يمنٍ لَهُ وَأَمَانِ
خَلَعَتْ قُلُوبَ الْحَاسِدِينَ وَأَصْبَحَتْ ... أَقْوَالُهُمْ بِالْحَقِّ زُورَ أَمَانِي
أَحْيَا دِمَشْقَ بِعِلْمِهِ وَنَوَالِهِ ... فَمَنِ الَّذِي لِذُرَى الْفَخَارِ يُدَانِي
فَنِهَايَةُ الْعُلَمَاءِ فَهْمُ مَقَالِهِ ... أَنَّى يَكُونُ لَهُمْ بِذَاكَ يَدَانِ
لَوْلا أَصَابَ بِرَشْحِ صَوْبِ عُلُومِهِ ... قَلْبِي لَكَانَ الْجَهْلُ قَدْ أَرْدَانِي
مَا فُهْتُ قَطُّ بِمَدْحِهِ إِلا اغْتَدَى ... طِيبُ الثَّنَاءِ يَفُوحُ مِنْ أَرْدَانِي
حَاشَاكَ تُخْفِضُ قَدْرَ مَنْ أَنْشَأْتَهُ ... فَالرَّفْعُ مِنْكَ بِالابْتِدَا أَعْلانِي
أَوْ تُعْطِشُ النَّبْتَ الَّذِي أَحْيَيْتُهُ ... وَمَلَكْتُهُ فِي السِّرِّ وَالإِعْلانِ
يَا عَاذِلِيَّ عَلَى الْوُقُوفِ بِبَابِهِ ... مَهْلا وَمِنْ طُولِ الْمَلامِ دَعَانِي
إِنِّي سَمِعْتُ نَدَى يَدَيْهِ مُنَادِيًا ... كُلَّ الْوَرَى فَأَجَبْتُ حِينَ دَعَانِي