قَصْدُهُ فِي سَفَرِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ لِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ بِهَا عَنْ قَصْدِ الْمْسِجِد الرَّئِيسِ عَلَى التَّقْوَى، كَمَا لا يَنْفَكُّ الْقَصْدُ فِيهِمَا عَنْ حُبِّ الأُنْسِ بِقُرْبِ سَاكِنِ الْحُجْرَةِ الَّتِي هِيَ فِي وَسَطِ مَسْجِدِهِ هُوَ فِي وَسَطِ طَيْبَةَ:
وَمَا حُبُّ الدِّيَارِ شَغَفْنَ قَلْبِي ... وَلَكِنْ حُبُّ مَنْ سَكَنَ الدِّيَارَا
فَعَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ أَنْ يُحِبَّ مَا أَحَبَّ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، إِنَّا نَلْتَذُّ بِحُبِّ جَبَلِ أُحُدٍ لِكَوْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبَّهُ، وَنُحِبُّ أَنْصَارَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ طَيْبَةَ لأَنَّ آيَةَ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ، وَأَنَّ حُبَّ مَسْجِدِ طَيْبَةَ وَمَا حَوَى وَالنَّخِيلِ وَتِلْكَ الْمَآذِنِ، فَقُلْ مَا شِئْتَ مِنْ فَرْطِ حُبٍّ، فَمَا الظَّنُّ بِحُبِّ مَنْ شَرُفْتَ بِهِ، وَلَكِنْ مَا نَحْنُ قَدْرَ الشُّغُلِ، قُلْتُ مَرَّةً لِشَيْخِنَا الدّبَاهِيِّ: أَلا نَمْشِي إِلَى الزَّهْرِ؟ فَقَالَ: هُوَ أَجَلُّ مِنْ أَنْ أَذْهَبَ إِلَيْهِ، أَوْ مَا أَنَا أَهْلٌ لِذَاكَ فَالْمُوَفَّقُ مَنْ أَهَبَّ، وَالْمُرَفَّعُ مَنْ أَحَبَّ.
وُلِدَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ وَسِتِّ مِائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنَ ابْنِ الصَّلاحِ، وَالْمُرَجَّى بْنِ السُّقَيْرِيِّ، وَابْنِ عَلانَ، وَإِسْمَاعِيلَ الْعِرَاقِيِّ، وَعِدَّةٍ، وَبَاشَرَ كُتَّابَةَ تُرَبٍ وَمَدَارِسَ، وَسَمِعَ مِنَ ابْنِ شُقَيْرَى كِتَابَ الطِّوَالاتِ لِلتَّنُوخِيِّ فِي الْخَامِسَةِ، وَتَفَرَّدَ بِهَا وَبِعُلُومِ الْحَدِيثِ عَنْ مُؤَلِّفِهِ وَأَشْيَاءَ بِالسُّنَنِ الْكَبِيرِ.
تَعَلَّلَ مُدَّةً، وَتُوُفِّيَ فِي ذِي الْحَجَّةِ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَسَبْعِ مِائَةٍ،