إِمَامُ الرَّبْوَةِ وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّ مِائَةٍ.
وَقَرَأَ الْكَثِيرَ عَلَى ابْنِ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَالشَّرفِ بْنِ النَّابُلُسِيِّ وَطَائِفَةٍ، وَكَانَ فَصِيحَ الْقِرَاءَةِ مُعْرِبًا، ثُمَّ تَرَكَ، وَتَعَانَى الْكِتَابَةَ فِي الْحَشْرِ، قَرَأْتُ عَلَيْهِ جُزْءَ ابْنِ عَرَفَةَ، حَكَى عَنْهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبِرْزَالِيُّ أَنَّهُ ذَكَرَ لَهُ أَنَّهُ حَفِظَ الْقُرْآنَ بِالصَّالِحِيَّةِ، وَقِطْعَةً مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَدَ، ثُمَّ تَحَوَّلَ حَنَفِيًّا، وَنَزَلَ فِي الْمَدَارِسِ، وَبَحَثَ فِي الشَّافِعِيَّةِ عَلَى ابْنِ مَالِكٍ، وَقَرَأَ غَالِبَ الْمُسْنَدِ عَلَى ابْنِ عَطَاءٍ، ثُمَّ خَدَمَ، فَذُكِرَ أَنَّهُ كَانَ يُحَصِّلُ فِي بَعْضِ الأَيَّامِ الْمِائَتَيْنِ وَالثَّلاثَ مِائَةٍ.
ثُمَّ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ أُحْضِرَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: «اذْبَحُوهُ» .
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أَتُوبُ، فَأَطْلَقَنِي، فَلَمَّا انْتَبَهَ عَزَمَ وَحَجَّ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِ مِائَةٍ وَانْصَلَحَ وَتَرَكَ الْخِدْمَةَ، وَلازَمَ التِّلاوَةَ وَشَاخَ، وَانْقَطَعَ بِمَسْجِدِ حَارَةِ الْيَهُودِ، وَسَعَى فِي مَشْيَخَةِ النُّورِيَّةِ بَعْدَ ابْنِ الْعَطَّارِ.
وَكَانَ صَعْبَ الْمِرَاسِ، وَلا سِيَّمَا فِي كِتَابَةِ الإِجَازَاتِ.
تُوُفِّيَ فِي رَبِيعٍ الآخِرِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ وَسَبْعِ مِائَةٍ.
كَتَبَ إِلَيَّ بِالإِجَازَةِ فِي سَنَةِ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَسِتِّ مِائَةٍ، وَثنا