يَتَزَاحَمُونَ فَتَعْبُرُ دَابَّةً سَالِمَةً وَتَقَعُ أُخْرَى فَتَوَاجَدَ الصُّوفِيُّ ثُمَّ بَكَى وَصَاحَ إِلَى أَنْ رَحِمْنَاهُ فَلَمَّا وَصَلْنَا إِلَى الْبَلَدِ قَدَّمْنَا شَيْئًا مِنَ الْمَأْكُولِ فَامْتَنَعَ مِنْ تَنَاوُلِهِ فَخَلَوْتُ بِهِ فَنَاشَدْتُهُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُفَسِّرَ لِي حَالَهُ عَلَى جَلِيَّتِهِ فَقَالَ قَدْ ذَكَرْتُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ قِيَامَ السَّاعَةِ وَأَهْوَالَ الصِّرَاطِ وَأَنَّ مَنْ خَفَّ نَجَا فَتَوَاجَدْتُ ثُمَّ خِفْتُ أَنْ لَا أَكُونَ مِنَ الْمُخِفِّينَ فَلَحِقَنِي مَا رَأَيْتَ
وَبَاتَ عَلَى الْحَالَةِ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا طَلَبْتُهُ فَمَا وَجَدْتُهُ وَبَقِيَتْ حَسْرَتُهُ إِلَى الْآنَ فِي قَلْبِي
13 - سَمِعت أَبَا نَصْرٍ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عُلْوَانَ الْآمِدِيَّ بضُمَيْرٍ عَلَى مَرْحَلَةٍ مِنْ دِمَشْقَ يَقُولُ حَضَرْتُ فِي دَعْوَةٍ بِالْعِرَاقِ وَكَانَ فِيمَنْ حَضَرَ فَقِيرٌ وَاحِدٌ فَغَنَّى الْقوَّالُ بَعْدَ غِنَائِهِ الْمَعْهُودِ صَوْتًا مِنَ الزَّكْنَشَةِ وَهُوَ
(غَسَلْتُ لَهُ طُولَ اللَّيْلِ ... فَرَكْتُ لَهُ طُولَ النَّهَارِ)
(مَضَى يُعَاتِبُ غَيْرِي ... زَلِقٌ وَقَعَ فِي الطِّينِ)
فَصَاحَ الصُّوفِيُّ وَقَالَ بِئْسَ مَا فَعَلَ وَقَامَ يَتَوَاجَدُ وَيَبْكِي إِلَى أَنْ أَبْكَانَا كُلَّنَا وَقُلْنَا مَنْ كَانَتْ لَهُ عِبْرَةٌ فَفِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ عَبْرَةٌ
14 - سَمِعت الْقَاضِيَ أَبَا نَصْرٍ أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْعِمِ الْحَنَفِيَّ أَحَدَ الْخُطَبَاءِ بِثَغْرِ آمِدَ قَالَ سَمِعت الْقَاضِي أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّامَغَانِيَّ ببَغْدَادَ قَالَ سَمِعت أَبَا الْحُسَيْنِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْقُدُورِيَّ قَالَ كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ يَقْرَأُ عَلَى الْمُزَنِيِّ فَقَالَ لَهُ يَوْمًا وَاللَّهِ لَا أَفْلَحْتَ فَغَضِبَ وَانْفَلَّ مِنْ عِنْدِهِ وَتَفَقَّهَ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ فَصَارَ إِمَامًا فَكَانَ إِذَا دَرَسَ أَوْ جَابَ فِي الْمُشْكِلَاتِ يَقُولُ رَحِمَ اللَّهُ أَبَا إِبْرَاهِيمَ لَوْ كَانَ حَيًّا وَرَآنِي كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ