ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ خَطِيبُ ثَغْرِ عَسْقَلَانَ يَخْطُبُ بِظَاهِرِ الْبَلَدِ فِي عِيدٍ مِنَ الْأَعْيَادِ فَقِيلَ لَهُ قَدْ قَرُبَ مِنَّا الْعَدُوُّ فَنَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ وَقَطَعَ الْخُطْبَةَ فَبَلَغَهُ أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْعَسْكَرِيَّةِ عَابُوا عَلَيْهِ فِعْلَهُ فَخَطَبَ فِي الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى دَاخِلَ الْبَلَدِ فِي الْجَامِعِ خُطْبَةً بَلِيغَةً وَقَالَ فِيهَا قَدْ زَعَمُوا أَنَّ الْخَطِيبَ فَزِعَ وَعَنِ الْمِنْبَرِ تَزَعْزَعَ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَارًا عَلَى الْخَطِيبِ فَإِنَّمَا تُرْسُهُ الطَّيْلَسَانُ وَحُسَامُهُ اللِّسَانُ وَفَرَسُهُ خَشَبٌ لَا يَجْرِي مَعَ الْفُرْسَانِ وَإِنَّمَا الْعَارُ عَلَى مَنْ تَقَلَّدَ الْحُسَامَ وَسَنَّ السِّنَانَ وَرَكِبَ الْجِيَادَ الْحِسَانَ وَعِنْدَ اللِّقَاءِ يَصِيحُ إِلَى عَسْقَلَانَ إِلَى عَسْقَلَانَ.
1138 - قُسْطَةُ هَذَا مِنْ عُقَلَاءِ الْأُمَرَاءِ الْمَائِلِينَ إِلَى الْعَدْلِ الْمُثَابِرِينَ عَلَى مُطَالَعَةِ الْكُتُبِ وَأَكْثَرُ مَيْلِهِ إِلَى التَّوَارِيخِ وَسِيَرِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَكَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ وَمُكَاتَبَةٌ وَفِي نُعُوتِهِ كَثْرَةٌ وَكَثِيرًا مَا كَانَ يُورِدُ الْحِكَايَاتِ الْمُسْتَحْسَنَةَ وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ.