كَالْحِجَابِ وَشَغَلَتْنِي عَنْكِ
597 - أَنْشَدَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الطَّفَّالِ الْقُضَاعِيُّ بِالثَّغْرِ لِنَفْسِهِ ابْتِدَاءَ قَصِيدَةٍ
(لَيْسَ الْوُقُوفُ عَلَى الْأَطْلَالِ مِنْ شُغْلِي ... أَنِّي وَشُغْلِي ذَوَاتُ الْأَعْيُنِ النُّجْلِ)
(عِينٌ أَعَنَّ عَلَى قَلْبِي فَقَلَّبَهُ ... دَاعِي الصِّبَا فَصَبَا لِلَّهْوِ وَالْغَزَلِ)
(مِنْ كُلِّ فَاتِرَةِ الْأَلْحَاظِ فَاتِنَةِ الألْفَاظِ ... تَسْحَبُ ثَوْبَ الدَّلِّ وَالْكَسَلِ)
(قَيْدُ الْقُلُوبِ عِقَالُ الْعَقْلِ صُورَتُهَا ... مُرَادُ كل فؤاد فتْنَة الْمقل) // الْبَسِيط //
598 - عَبْدُ الْكَرِيمِ هَذَا كَانَتْ لَهُ حَلْقَةٌ فِي الْجَامِعِ لِلنَّحْوِ وَكَانَ مَائِلًا إِلَى الْخَيْرِ وَشِعْرُهُ فِي غَايَةِ الْجَوْدَةِ وَعِنْدِي مِنْهُ مُقَطَّعَاتٌ أَنْشَدَنِيهَا وَكَانَ كَفِيفَ الْبَصَرِ
وَفِي أُخْرَى
599 - عَبْدُ الْكَرِيمِ هَذَا يُعْرَفُ بِابْنِ الطَّفَّالِ وَيُنْعَتُ بِالْبَارِعِ وَكَانَ كَفِيفًا عَفِيفًا وَلَهُ فِي الْجَامِعِ حَلْقَةٌ لَإِقْرَاءِ النَّحْوِ وَشِعْرُهُ كَثِيرٌ وَقَدْ عَلَّقْتُ عَنْهُ جُمْلَةً رَحِمَهُ اللَّهُ
وَكَانَ قَرَأَ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ الْحَضْرَمِيِّ وَقَالَ لِي عَلَيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ كَانَ عَبْدُ الْكَرِيمِ فِي ابْتِدَاءِ أَمْرِهِ عَلَى طَرِيقَةٍ لَوْ بَقِيَ عَلَيْهَا فَاقَ أَهْلَ زَمَانِهِ مِنَ الاشْتِغَالِ بِقِرَاءَةِ الْحَقَائِقِ مِنْ كَلَامِ الْحَارِثِ الْمُحَاسِبِيِّ وَغَيْرِهِ وَلُزُومِ الصَّمْتِ وَإِعْرَاضِهِ عَنِ الدُّنْيَا ثُمَّ تَزَوَّجَ وَرُزِقَ أَوْلَادًا فَصَارَ يَمْدَحُ وَيَسْتَمِيحُ ضَرُورَةً وَتَغَيَّرَتْ عَلَيْهِ الْأَحْوَالُ وَمِنْ شِعْرِهِ مَا أَنْشَدَنِي
(مَنْ يُكْرِمِ اللَّهُ يُصْبِحْ عُرْضَةَ الْأَلَمِ ... كَذَا النَّبِيُّونَ مُذْ كَانُوا عَلَى الْقِدَمِ)
(وَذَاكَ أَنَّ الرِّضَا وَالسُّخْطِ مَنْزِلَةٌ ... لَمْ يَحْوِهَا قَطُّ إِلَّا أَشْرَفُ الْأُمَمِ)
(إِنَّ الْمَصَائِبَ عُنْوَانُ الْأُجُورِ فَمَنْ ... يُصَبْ يَفُزْ بِنَعِيمٍ غَيْرِ مُنْصَرِمِ)