وَفِي وَرَقَةٍ أُخْرَى.
329 - سَمِعت أَبَا طَاهِرٍ شِبْلُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْحَارِثِيُّ بِدِمَشْقَ يَقُولُ حَكَوْا لِي أَنَّ نَفَرًا مِنَ الْمَغَارِبَةِ كَانُوا يَقْطَعُونَ عَلَى النَّاسِ الْبَحْرِ فَأَخَذُوا مَرْكَبًا فِيهِ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالرِّجَالِ وَكَانَ فِيهِمْ رَجُلٌ قَدْ نَقَشَ عَضُدَهُ بِالْإِبْرَةِ عَلَى عَادَةِ الْفِتْيَانِ فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ نَقَشْتُ عَلَى عَضُدِي لَا يَنَالُ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ أَحَبَّ الْجَمَاعَةَ فَاسْتَحْسَنُوا ذَلِكَ مِنْهُ وَرَدُّوا عَلَيْهِ مَالَهُ وَأَوْصَلُوهُ إِلَى الْعُمْرَانِ حَيْثُ كَانَ مُتَعَصِّبًا فِي السُّنَّةِ.
330 - أَبُو طَاهِرٍ هَذَا شَيْخٌ صَالِحٌ وَقَدْ أَفَادَنِي وَلَدُهُ الْخَضِرُ ابْتِدَاءَ دُخُولِي دِمَشْقَ فَوَائِدَ عَنْ شُيُوخِهَا وَذَكَرَ لِي أَنَّ أَبَاهُ سَمِعَ مَعَهُ مِنَ ابْنِ الْغَمْرِ وَآخَرِينَ مِمَّن هم فِي طَبَقَةُ أَبِي طَاهِرِ بْنِ الْحِنَّائِيِّ وَغَيْرَهُ مِمَّنْ أَدْرَكْنَاهُمْ ثُمَّ سَمِعت عَلَيْهِ شَيْئًا وَهُوَ عِنْدِي فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.
331 - وَدَخَلَ إِلَيَّ أَبُو الْهَيْثَمِ شِبْلُ بْنُ الْمُقَلِّدِ الْعَسْقَلَانِيُّ الْوَاعِظُ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنَ الْمحرم سنة إِحْدَى وَعشْرين وَخَمْسمِائة مُهَنِّئًا وَأَوْرَدَ فَصْلًا مِنَ الْوَعْظِ اسْتَحْسَنَهُ مَنْ حَضَرَ وَأَنْشَدَ مِنْ قِبَلِهِ
(سَنَةٌ مُبَارَكَةٌ وَعَامٌ مُقْبِلٌ ... بُلِّغْتَ مِنْ رَبِّ الْعُلَى مَا تَأْمُلُ)
(وَبَقِيتَ فِي عِزٍّ وَمَجْدٍ سَرْمَدٍ ... مَا لَاحَ فِي الْأُفُقِ السماك الأعزل) // الْكَامِل //
332 - شِبْلٌ هَذَا كَانَ مِنَ الْوُعَّاظِ الْمُجِيدِينَ عَسْقَلَانِيٌّ وَيَطْرِقُ الثَّغْرَ مُسْتَمِيحًا وَلَمْ يَكُ خَالِيًا مِنَ الْفِقْهِ وَكَانَ النَّاسُ يَمِيلُونَ إِلَيْهِ لِحُسْنِ كَلَامِهِ وَكَانَ يَحْفَظُ كَثِيرًا مِنْ شِعْرِ شُعَرَاءِ الشَّامِ وَبِالْخُصُوصِ مِنْ شُعَرَاءِ بَلَدِهِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا أَنْشَدَنِي لِابْنِ أَبِي الشَّخْبَاءِ
(لَوْ أَنَّ مَطْبُوعًا يُفَارِقُ طَبْعَهُ ... لَحَلَا إِذَا شَرِبَ الزُّلَالَ الْحَنْظَلُ)
(وَلَمَا رَأَيْنَا النَّخْلَ تَقْضَمُ عَلْقَمًا ... أَفْوَاهُهَا فَيَعُود وَهُوَ معسل) // الْكَامِل //