وعظمة؛ بل هي تشرف وتعظم بذكر هذا السند العظيم، الرؤوف الرحيم.

ولا يخفى أن محبي الرسول صلى الله عليه وسلم يفتخرون بالإنتساب إليه، ويرتاحون إلى الحديث عنه، وتغمرهم السعادة والحبور عند سماع مدحه، وذكر ماثره وفضله [من الخفيف] :

«شنّف السمع من لطيف الكلام ... بامتداح النبيّ سامي المقام»

(?) ومما يؤسف له أن مئات الشعراء، ممن يعتبرون فحولا، قد قصروا شعرهم على مدح أسيادهم من الأمراء والملوك والخلفاء، أو اختصوا بالتشبيب بليلى أو بهند أو بعزة ... ولم يخصوا رسولهم، وموصل الخير إليهم ولو بقصيدة من قصائدهم الكثيرة. وقد تكون هذه القصيدة تكفيرا عما اقترفوه من إثم في ذكر مثالب الناس وعيوبهم، وفاتحة خير لهم دنيا وأخرى.

ولا يظنن أحد أن الإسلام يحارب الشعر والشعراء؛ فقد أخرج ابن إسحاق عن أبي الحسن- مولى تميم الداري (ض) - قال: «لما نزلت:

وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ [الشعراء/ 224] جاء حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وكعب بن مالك (ض) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يبكون. قالوا: قد علم الله حين أنزل هذه الآية أنا شعراء. فتلا النبي: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قال: أنتم. وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً قال: أنتم. وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا قال: أنتم» (?) . ومن المعلوم أن من عادة الشعراء المبالغة، وتجاوز قدر الممدوح فوق ما يستحقه، حتى أفضى هذا الأمر ببعضهم إلى الكفر؛ ومن الأمثال الشائعة: من مدحك بما ليس فيك فلا تأمن أن يذمك بما ليس فيك (?) .

لكن مدح المصطفى صلى الله عليه وسلم ليس فيه من تجاوز أو مبالغة، بل تقصير وعجز؛ فقد أجمع المسلمون على أنه لا يجوز إطراء النبي صلى الله عليه وسلم؛ أي مجاوزة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015