الحارث تسليم بجاية "عاصمتهم"، فأعرض عنه يحيى وسار الى قسنطينة ونزل على أخيه الحسن. واستمر الموحدون في زحفهم، فاستولوا على القلعة الحمادية وقتلوا عاملها جوشن بن العزيز أخو يحيى، ثم حاصروا قسنطينة، فاستسلم يحيى الى عبد المؤمن، فأخذه هذا معه الى مراكش، وهنالك عاش في كنف الخليفة في عزة وسعة من الرزق الى ان مات. قال لسان الدين ابن الخطيب: كان يحيى فاضلا حليما، فصيح اللسان والقلم، مليح العبارة، بديع الإشارة، مولعا بالصيد، مغرما به، كلفا بالملهين، يحضر منهم عنده نحو العشرين، بين رجل وامرأة، من شيوخ وعجائز وحمقى، فكان يستلقي في بيته على الفرش الوثيرة الحشايا، ويستدعي المضحكين وجوارح الصيد، فيختبر هذا البازي ويتفقد هذا الكلب، ويستنهض هذا المضحك في النوع الذي سلكه، فيلهيه ويضحكه، فلا يزال كذلك الى ان ينام، هكذا انقضت ايامه إلى ان توفي" (?)