ذكره البزار في الأعلام العلية، قال:" حدثني الشيخ العالم الفاضل المقرئ أبو محمد عبد الله ابن الشيخ الصالح المقرئ أحمد بن سعيد، قال: كنت يومًا جالسًا بحضرة شيخ الاسلام ابن تيمية -رضي الله عنه- فجاء إنسان، فسلم عليه فرآه الشيخ محتاجًا إلى ما يعتم به، فنزع الشيخ عمامته من غير أن يسأله الرجل ذلك، فقطعها نصفين واعتم بنصفها، ودفع النصف الآخر إلى ذلك الرجل، ولم يحتشم للحاضرين عنده.
قلت: وربما توهم بعض من يحتاج إلى التفهيم أن هذا الفعل من الشيخ فيه إضاعة المال، أو نوع من التبذل الذي يشين المروءة، وليس الأمر كذلك؛ فإنه لم يكن عنده حينئذ معلوم غير ثيابه، ورأى أن قطع غير العمامة من بقية لباسه مما يفسده، ولا يحصل به المقصود، ولم يكن عليه ولا عنده حينئذ ثوب صحيح لا يحتاج إليه حتى يدفعه إليه، فسارع إلى قطع ما يستغنى ببعضه عن كله فيما وضع له وهو العمامة، فنفع أخاه المسلم، وسد حاجته حينئذ ببعضها، واستغنى هو بباقيها، وهذا هو أكمل التصرف الصالح والرشد التام"انتهى