أَكْثَرَ أَخْذَهُ عَنْ أَبِيهِ أَبِي مَرْوَانَ لازَمَهُ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَقَرَأَ عَلَيْهِ كِتَابَ سيبويه ثلاث مراراً قراة تَفَقُّهٍ وَتَفَهُّمٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الرِّوَايَةِ فَلَمْ يسمع إلا كتاب الدلايل خَاصَّةً من أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَتَّابٍ وَإِلَيْهِ كَانَتِ الرِّحْلَةُ فِي وَقْتِهِ بَعْدَ أَبِيهِ فِي تَقْيِيدِ كُتُبِ الأَدَبِ وَالْغَرِيبِ وَالشُّرُوحِ وَدَرَّسَ كِتَابَ سِيبَوَيْهِ وَقَلَّ مَشْهُورٌ بِالأَنْدَلُسِ إِلا وَقَدْ أَخَذَ عَنْهُ وَمَنْ فَاتَهُ مِنْ أَبِيهِ شَيْءٌ سَمِعَهُ مِنْهُ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ خَيْرَةَ الْحَافِظُ كَانَ أَبُو الْحُسَيْنِ مِنْ أَكْمَلِ أَهْلِ عصره مروة وَصِيَانَةً وَأَوْسَعِهِمْ مَالا وَجَاهًا وَأَكْثَرِهِمْ مَهَابَةً يُجْتَمَعُ إليه للسماع في الأربعين والخمسين من رؤسا الملثمين وَمَهَرَةِ الْكُتَّابِ كَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي الخصال وأبي بكر ابن عبد العزيز وجلة استاذي النحو كَأَبِي الْقَاسِمِ بْنِ الأَبْرَشِ وَأَبِي الْحَسَنِ بْنِ الباذش وَكُلُّهُمْ إِلَيْهِ مُفْتَقِرُونَ لِوُقُوفِهِ عَلَى مَوَادِ النَّحْوِ مِنْ أَشْعَارِ الْعَرَبِ وَحِكَايَاتِهَا وَلُغَاتِهَا وَأَخْبَارِهَا وَكَانَ الْغَالِبُ عَلَى حِفْظِهِ مِنْ كُتُبِ الأَدَبِ كِتَابِ أَبِي الْفَرَجِ الأَصْبَهَانِيِّ قَالَ وَكَانَ لَهُ حَظٌّ وَافِرٌ مِنَ الْقَرِيضِ فَمِنْ قَوْلِهِ.

بُثَّ الصنايع لا تَحْفَلْ بِمَوْقِعِهَا مِنْ آملٍ شَكَرَ الإِحْسَانَ أو كفرا

فالغيث ليس ينالي حيثما انسكبت منه الغمايم ترباً كان أو حجراً

وهذان الْبَيْتَانِ أَنْشَدَنِيهُمَا شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو الرَّبِيعِ رَحِمَهُ اللَّهُ غَيْرَ مَرَّةٍ وَكَتَبْتُهُمَا مِنْ خَطِّهِ قَالَ أَنْشَدَنَا شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ أَنْشَدَنَا الأُسْتَاذُ النَّحْوِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الأَبْرَشِ قَالَ أَنْشَدَنَا الْوَزِيرُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ سِرَاجٍ لِنَفْسِهِ يُخَاطِبُ بَعْضَ بَنِي الْمُعْتَضِدِ يَعْنِي ابْنَ عَبَّادٍ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَأَحْسَبُهُ وَالِيَ قرطبة الملقب بالمامون واسمه الفتح وأخاه سِرَاجَ الدَّوْلَةِ أَبَا عَمْرٍو وَاسْمُهُ عَبَّادٌ وَهُمَا ابْنَا الْمُعْتَمِدِ مُحَمَّدٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015