أَجْلِ ذَلِكَ فِي إِحْدَى قَدْمَاتِهِ مِنْ غَرْنَاطَةَ وهو يومئذ على قضايها وبعض ستوجها لَهُ إِلَى قُرْطُبَةَ وَقَدْ زَارَهُ أَهْلُهَا مُسْلِمِينَ ومحتفين وأبو جعفر فيهم فم يُوَفِّهِ حَقَّ التَّعَارُفِ فَقَالَ أَتَعْرِفُنِي قَالَ أَبُو الْفَضْلِ وَلا أُنْكِرُكَ فَقَالَ أَنَا أَحْمَدُ الْبُطْرُوجِيُّ فَقَامَ إِلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَقَالَ كَالْمُعْتَذِرِ إِنَّمَا تَنَكَّرْتَ عَلَيَّ بِالْخِضَابِ الأَحْمَرِ فَانْبَعَثَ أَبُو جَعْفَرٍ يذكر من خضب من الانبيا قَبْلَ نَبِيِّنَا عَلَيْهِمُ السَّلامُ وَوَصَلَ ذَلِكَ بِسَرْدِ الأحاديث الواردة في خضاب بنينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَسْمِيَةِ مَنْ خَضَبَ مِنَ الصَّحَابَةِ بِمَوَالِدِهِمْ وَوَفَيَاتِهِمْ وَبِلْدَانِهِمْ ثُمَّ ذَكَرَ الْخَاضِبِينَ مِنَ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْخَالِفِينَ وَعَيَّنَ مَنِ اسْتَحَبَّ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَمَنْ كَرِهَهُ وَبَيَّنَ وُجُوهَ اسْتِحْبَابِهِ وَكَرَاهَتِهِ عِنْدَهُمْ فَأَنْصَتَ لَهُ الْقَوْمُ وَسَلَّمُوا وَاعْتَرَفُوا بِحِفْظِهِ وَالْمَجْلِسُ غَاصُّ بِأَعْلامِ الأندلس حكى ذلك بمحالفة في بعض الألفاظ أَبُو عُمَرَ بْنِ عَيَّادٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عِقَالٍ الْفَقِيهِ وَقَالَ غَيْرُهُ كَانَ إِذَا سيل عَنْ شَيْءٍ كَأَنَّمَا جَوَابَهُ فِي طَرَفِ لِسَانِهِ وَيُورِدُ النُّصُوصَ عَلَى مَا وَقَعَتْ فِي الدَّوَاوِينِ لِقُوَّةِ حِفْظِهِ وَجَوْدَةِ ذِكْرِهِ إِلا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ طَبْعٌ فِي الْفَتْوَى وَلا مَعْرِفَةٌ بِلِسَانِ الْعَرَبِ وَحُدِّثْتُ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ عِيسَى بْنِ الْمَلْجُومِ أَنَّهُ حَضَرَ جِنَازَةً بِخَارِجِ الرَّبَضِ الشَّرْقِيِّ مِنْ قُرْطُبَةَ حَيْثُ قُبُورِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى وَعُبَيْدِ اللَّهِ وَأَبِي عِيسَى وَبِقُرْبٍ مِنْهَا قَبْرُ الْقَاضِي يُونُسَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَقَبْرُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الطَّلاءِ وَذَلِكَ فِي سَنَةِ 572 وَحَضَرَهَا مَعَهُ الْقَاضِي بِقُرْطُبَةَ إِذْ ذَاكَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ مُغِيثِ بْنِ الصَّفَّارِ وَأَبُو الْوَلِيدِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ رُشْدٍ وَأَمْثَالُهُمَا فَأَفْضَى بِهِمُ التَّفَاوُضُ إِلَى أَنْ قَالَ أَحَدُهُمْ إِنَّ الْفَقِيهَ أَبَا جَعْفَرٍ الْبُطْرُوجِيَّ حَضَرَ فِي هَذَا الْجَبَّانِ جِنَازَةً وَجَرَى ذكر مسلة احْتَجَّ فِيهَا بِأَنْ قَالَ حَدَّثَنِي