معي أحد، فصرت أسير الليل والنهار لا أبقي في الأرض إلا لحاجة ضرورة مثل إذا غلبني النوم.
وقد وصلت إلى بريدة في مدة سبعة أيام وهي مدة قياسية في القصر لأن المسافة في المعتاد تصل إلى 18 يومًا، ولكنني كنت ألح على الذلول بالجري، وهي خفيفة فلم أحمل عليها إلَّا الضروري لي من الطعام والماء.
كان يوسف الرشودي المذكور مديرًا لجمرك عرعر، أو مكان قريب منه فطلب أن ينتقل عمله إلى المدينة المنورة وكان أخوه آنذاك حمد بن إبراهيم الرشودي هو المسئول في الجمارك وصار بعد ذلك الرئيس العام للجمارك فانتقل إلى جمرك المدينة المنورة.
وكان مثقفًا راقي التفكير.
قال لي مرة وأنا إذ ذاك ساكن في المدينة المنورة: يا أبو ناصر الجماعة اللي هنا في المدينة ما يصلحون لي، أكثرهم عوام، ولا يفهمون ما أقول، ولا يعجبني تفكيرهم ولا كلامهم ودي أعرف الوقت الذي تكون فارغًا فيه أجلس أنا وإياك.
فقلت له: إنني أجلس في بيتي كل يوم بعد صلاة المغرب متفرغًا لذلك، لأن كثيرًا من طلاب الجامعة الإسلامية وأساتذتها يريدون أن يجلسوا إليَّ في مجلس خارج الجامعة، وكنت آنذاك في وظيفة (الأمين العام للجامعة) وهي الثانية في سلم الوظائف فيها.
فخصصت فترة (بعد المغرب) في بيتي لأنها قصيرة لمن أراد أن يأتي وأكثر من يأتي أرباب الحاجات.
فكان يوسف الرشودي يأتي إليَّ في كل ليلة على وجه التقريب، وكان يحدثني عن أحوال الناس وبخاصة (عقيل) الذين هم تجار المواشي، وهم من