وقد بلغني بعد ذلك أن له مقطعات وقصائد غير الذي كتبته على كثرة ما كتبته عنه، فاكتفيت بما كنت كتبته، وحفظت ما وصل إليَّ من غير إملائه بغية إفادة من يريد أن يجمع ديوانه، وقد بلغني أن بعضهم بدأ بذلك أي بدأ بجمع ديوانه وهو جدير بذلك.
قلت: إن كثيرًا من أشعار (ابن هاشل) متعلقة بالزراعة، وذلك لأنها كانت مهنته، ولم يكن عنده رأس مال ينفق منه على الزرع، لذلك كان يلجأ مثل غيره من الفلاحين والزرَّاع إلى الاستدانة من التجار، بارباح عالية، ولم يكن هو وأمثاله يتضايقون من ذلك إذا كان العام عام خصب ومطر وعدم مجيء جراد أو دبا أو غيره من الآفات الزراعية.
ولكن إذا كان الأمر عكس ذلك كان فيه البلاء والتعب، وإبقاء بعض الدين في ذمة الفلاح أو الزارع.
وينبغي أن يلاحظ القارئ الكريم أننا فرقنا في اللفظ هنا بين الفلاح والزارع، وذلك لكون الأول يعمل في النخل، أما الزارع فإنه يعمل في زرع الحبوب من القمح واللقيمي والشعير في الشتاء، ومن الذرة والدخن في الصيف.
حدث عبد العزيز الهاشل، قال:
جاء الربيع مرة وكنت مفلسا كالعادة فاتفقت مع ابن عامر على أن يشتري بعيرًا يدفع ثمنه، وأقوم أنا بالحشيش عليه وبيعه في بريدة على أن يكون ثمن ذلك الحشيش بيننا مناصفة، والمراد بالحشيش: قطع العشب من البَرّ.
قال: وفي آخر الربيع جاء الحر ويبست الغدران فطلبت من ابن عامر أن يشتري قربة للماء لأن الذي يلزم للحشيش حسب الشرط الذي بيننا يجب عليه أن يقوم به فأرسل لي شنة أي: قربة قديمة فيها شق!