فأصحاب تحريف اللفظ لما أرادوا المعنى الباطل حرفوا له لفظًا يصلح له لئلا يتنافر اللفظ والمعنى، بحيث إذا أطلق ذلك اللفظ المحرف فهم منه المعنى المحرف، فإنهم رأوا أن العدول بالمعنى عن وجهه وحقيقته مع بقاء اللفظ على حاله مما لا سبيل إليه، فبدأوا بتحريف اللفظ ليستقيم لهم حكمهم على المعنى الذي قصدوا1.
وأما كون أصحاب تحريف المعنى شرا من أصحاب تحريف اللفظ من وجه، فلأن تحريف المعنى هو الأكثر استعمالا عند أصحاب التحريف، ولأنه أسهل رواجا وسوقًا عند الجهلة والعوام من الناس، فيفتتن به من ليس لديه زاد من العلم الصحيح المعتمد على الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة.
ب- معنى التعطيل:
التعطيل لغة: مأخوذ من "العطل": الذي هو الخلو والفراغ والترك، ومنه قوله تعالى: {وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ} 2 أي أهملها أهلها وتركوا وردها3.
والتعطيل في جانب الله ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: تعطيل المصنوع عن صانعه وخالقه، وهو المتمثل فيمن ينكر وجود خالق لهذا الكون، وهو قول الدهرية الملاحدة.
القسم الثاني: تعطيل عبادته عز وجل، أي ما يجب له عز وجل على عباده من حقيقة التوحيد وإفراده بالعبادة، وهو المتمثل في أهل الشرك الذين صرفوا شيئا من العبادة لغير الله عز وجل.
القسم الثالث: تعطيل الله سبحانه عن كماله المقدس بتعطيل أسمائه