الكمال الذي لا كمال للعبد بدونه، وله خلق الخلق، ولأجله نزل الوحي، وأرسلت الرسل وقامت السموات والأرض، ووجدت الجنة والنار، ولأجله شرعت الشرائع، وأسست الملة، ونصبت القبلة، وهو قطب رحى الخلق والأمر الذي مدارهما عليه.
وهو بحق أفضل ما اكتسبته القلوب وحصلته النفوس وأدركته العقول، وليست القلوب الصحيحة والنفوس المطمئنة إلى شيء من الأشياء أشوق منها إلى معرفة هذا الأمر ولا فرحها بشيء أعظم من فرحها بالظفر بمعرفة الحق فيه1.
ثامنًا: ثمرة معرفة أسماء الله وصفاته:
مما يدلل ويؤكد أهمية هذا التوحيد هو ما تثمره معرفة أسماء الله وصفاته في قلب المؤمن من زيادة في الإيمان ورسوخ في اليقين، وما تجلبه له من النور والبصيرة التي تحصنه من الشبهات المضللة، والشهوات المحرمة.
فهذا العلم إذا رسخ في القلب أوجب خشية الله لا محالة، فلكل اسم من أسماء الله تأثير معين في القلب والسلوك، فإذا أدرك القلب معنى الاسم وما يتضمنه واستشعر ذلك، تجاوب مع هذه المعاني وانعكست هذه المعرفة على تفكيره وسلوكه.
ولكل صفة عبودية خاصة هي من موجباتها ومقتضياتها، فالأسماء الحسنى والصفات العلى مقتضية لآثارها من العبودية وهذا مطرد في جميع أنواع العبودية التي على القلب والجوارح، فمثلاً: علم العبد بتفرد الرب تعالى بالضر والنفع والعطاء والمنع والخلق والرزق والإحياء والإماتة يثمر له