في هذه الدَّار، وإنما وصل إليهم العلم بآثار صفاته وآثار صنعه، فاستدلوا بما علموه على ما غاب عنهم، فلو شاهدوه ورأوا جلاله وجماله وكماله سبحانه وتعالى لكان لهم في حبه شأن آخر، وإنما تفاوتت منازلهم ومراتبهم في محبته على حسب تفاوت مراتبهم من معرفته والعلم به، فأعرفهم بالله أشد حبا له؛ ولهذا كانت رسله أعظم الناس حبا له، والخليلان من بينهم أعظمهم حبا، وأعرف الأمة أشدهم له حبا، ولهذا كان المنكرون لحبه أجهل الخلق به1.
4- ومن ثمرات وفوائد معرفة أسماء الله الحسنى أن إحصاء الأسماء الحسنى والعلم بها أصل للعلم بكل معلوم، فإن المعلومات سواه إما أن تكون:
ا- خلقا له تعالى، فهو أعلم بما كوَّنه وخلقه.
2- أو أمرا، فهو علم بما شرَّعه.
ومصدر الخلق والأمر عن أسمائه الحسنى وهما مرتبطان بها ارتباط المقتضى بمقتضيه.
فالأمر كله: مصدره عن أسمائه الحسنى، وهذا كله حسن لا يخرج عن مصالح العباد والرَّأفة والإحسان إليهم بتكميلهم بما أمرهم به ونهاهم عنه، فأمره كله مصلحة وحكمة ورحمة ولطف وإحسان؛ إذ مصدره أسماؤه الحسنى.
وفعله كله: لا يخرج عن العدل والحكمة والمصلحة والرحمة؛ إذ مصدره أسماؤه الحسنى، فلا تفاوت في خلقه ولا عبث، ولم يخلق خلقه باطلا ولاسدىً ولا عبثا.