والحاصل أنه يمتّع كلّ أحد على قدر ما عنده، والموسع: الغنيّ.
والمقتر: الضيّق الحال.
هذا التفضيلُ لمريم ما عدا خديجة وفاطمة رضي الله عنهما، أو يكون على نساء زمانها.
وقيل: هذا الاصطفاء مخصوص بأنْ وُهب لها عيسى من غير أبٍ، فيكون (على نساء العالمين) عامًّا.
وقيل: إنها كانت نبيئة لتكيم الملائكة لها، قال بعض العلماء: إن عائشة أفضل من مريم، لأنَّ براءة مَريم كانت على لسان عيسى، وبراءة عائشة كانت بقول الله تعالى.
فالربّ الذي تولىّ براءتك وتطهيرك بقوله تعالى: (ولكن يريدُ ليطهِّركم) .
(التائبون العابدون الحامدون) .
وسمّاكم يا أمَّة محمد بالهداية والخير، والعدل والأمانة، أفتراه يطردهم بعد أن دعاهم إلى نفسه، وهو لا يُريد قبولهم.
وقد سمعناه يقول للتائبين: (وإني لغفّار لمَنْ تاب) إذا مشوا إليه برجْل الندامة على قدم الاعتذار، وللعابدين إذا مشوا برجل النّشاط على قدم الجهد والاجتهاد على قدم الدرجات، (ومَنْ يأته مؤمناً قد عمل الصالحات) .
وللزاهدين إذا مشوا برجل القناعة على قدم التوكّل مع مراد الله، (تلْك الدارُ الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علُوّاً في الأرْضِ ولا فَساداً) ، وللمحبين إذا مشوا برجل الرضا على قدم المودّة مع مُراد الذكر، (ألا بذكرْ الله تطْمئنُّ القلوب) ، وللمشتاقين إذا مشوا برِجْل المحبة على قدم الإنابة، مع مراد القربة: (وجوة يومئذٍ ناضرة) .
فإن قلت: ما الحكمة في تَبْرِيح العارفين؟
فالجواب لأنهم تعهدوا على الكفار بتبليغ الرسالة إليهم.
ومن كان شاهداً له يخدمه ويزكّيه ليكون شاهداً له على الحقيقة، قال تعالى: (يا أيُّها الذين آمَنُوا اتَّقوا الله وكونوا مع الصادقين) .
أي تقرن السماوات والأرض بعضُها إلى بعض، كما تُبْسط الثياب، فذلك عرض الجنة،