نسيانه، فدهش فطفق يسأل موسى عن سبب ذلك، فكأنه قال: أرأيت ما دَهَاني إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت، فحذف بعض الكلام.
(صَدَفَيْن) ، بضم الصاد وفتحها، بمعنى الجبلين.
(صُنْعَ الله) : مصدر العاملُ فيه محذوف.
وقيل هو منصوب على الإغراء، أي انظروا صُنْعَ الله، وهو فعله في مرور الجبال وهي جامدة.
(صحُفاً مطهَّرة) ، يعني القرآن في صحفه.
وأما قوله تعالى: (صحفاً مُنَشَّرة) - فقد قدمنا أنهم طلبوا مِنْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعطي كلّ واحد منهم صحيفةً يأمره فيها بالإيمان.
وقوله تعالى: (إن هذا لفي الصحف الأولى) ، فالمراد به أن هذا الكتاب ثابت في كتب الأنبياء المتقدمين، كما ثبت هذا الكتاب.
قلت: من أمثلة ما نزل على بعض الأنبياء سورة الأعلى.
قال - صلى الله عليه وسلم -: كلّها في صحف موسى وإبراهيم.
ولما نزلت: (والنجم إذا هوى) فبلغ: (وإبراهيم الذي وفَّى) ، قال: (وَفَّى ألا تَزر وازِرة وِزْرَ أخرى) إلى قوله (هذا نذير من النّذر الأولى) .
وأخرج الحاكم من طريق ابن القاسم، عن أبي أمامة، قال: أنزل الله على
إبراهيم مما أنزل على محمد: (التائِبُون العَابدون) ، إلى قوله: (وبشِّر المؤمنين) .
و (قد أفلح المؤمنون) ، إلى قوله: (هم فيها خالدون) .
و (إن المسلمين والمسلمات) ، الآية.
والتي في المعارج: (والذين هم على صلاتهم دائمون) ، إلى قوله: (قَائمون) ، فلم يَفِ بهذه السهام إلا إبراهيم ومحمد - صلى الله عليهما وسلم -.
وأخرج البخاري، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - موصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: "يا أيها النبي إنَّا أرسلناك شاهداً ومبَشّراً ونَذيراً وحِرزاً للأميين" - الحديث.