الاختلاف على وجهين:
اختلاف تناقض، وهو ما يدعو فيه أحد الشيئين إلى خلاف الآخر، وهذا هو الممتنع على القرآن.
واختلاف تلازم، وهو ما يوافق الجانبين، كاختلاف وجوه القراءات واختلاف مقادير السور والآيات، واختلاف الأحكام من الناسخ والمنسوخ، والأمر والنهي، والوعد والوعيد.
*******
وهو مما خصت به هذه الأمة لِحكَم، منها التيسير.
وقد أجمع المسلمون على جوازه! وأنكره اليهود ظنًّا منهم أنه بداء كالذي يرى الرأي ثم يبدو له أنه باطل، لأنه بيان مدة الحكم، كالإحياء بعد الإماتة وعكسه، والمرض بعد الصحة، وعكسه، والفقر بعد الغنى وعكسه، وذلك لا يكون بَدَاءً، فكذا الأمر والنهي.
واختلف العلماء فقيل: لا ينسخ القرآن إلا بقرآن، لقوله تعالى (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) .
قالوا: ولا يكون مثلَ القرآن وخيراً منه إلا قرآن.
وقيل: بل ينسخ القرآن بالسنة، لأنها أيضاً من عند الله، قال تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) .
وجعل منه آية الوصية الآتية.
والثالث إذا كانت السنة بأمر الله من طريق الوحي نَسخت، وإن كانت
باجتهاد فلا.
حكاه ابن حبيب النيسابوري في كتابه التفسير.
وقال الشافعي: حيث وقع نسخ القرآن بسنة فمعها قرآن عاضد لها، وحيث وقع نسخ السنة بالقرآن فمعه سنة عاضدة له، ليتبين توافق القرآن والسنة.
وقد بسطت هذه المسألة في شرح منظومة جمع الجوامع في الأصول.
وقد أفرد بالتصنيف في هذا الفن خلائق لا تحصى، منهم: أبو عبيد القاسم
ابن سلام