منهم في آخرها لفضيلة السلف الصالح.
وأما أصحاب اليمين فكثير في أولها وآخرها
(ثُوِّبَ الْكُفَّارُ) : يقال ثوّبه وأثابه.
وأصله إيصال النفع إلى المكلف على طريق الجزاء.
قال تعالى: (مَثُوبةً عند اللهِ مَنْ لَعَنَهُ الله) .
وأما المثيب فهو مَنْ فعل الثواب.
وأما المُثَاب فهو من فُعِل الثواب به.
وهذه الجملة يحتمل أن تكون متصلة بما قبلها في موضع معمول ينظرون
فتوصل مع ما قبلها، أو تكون توقيفا فيوقف قبلها - ويكون معمول ينظرون
محدوفاً.
(وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) : فيه ثلاثة أقوال: أحدها أنه حقيقة في
التطهبر للثيات من النجاسة.
واختلف على هذا هل يحمل على الوجوب، فتكون
إزالة النجاسة واجبةً، أو على الندب فتكون سعة، والآخر أنه يراد به الطهارة من الذنوب والعيوب، فالثياب على هذا مجاز.
الثالث أن معناه لا تلبس من مكسب خبيث.
(ثُمَّ) حرف يقتضي ثلاثة أمور: التشريك في الحكم والترتيب والمهلة، وفي
كل خلاف:
أما التشريك فزعم الكوفيّون والأخفش أنه قد يتخلّف بأن تقع زائدة، فلا
تكون عاطفة ألبتة، وخرجوا على ذلك قراءة: (حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا) .
وأجيب بأن الجواب فيها مقدّر.
وأما الترتيب والمهلة فخالف قوم في اقتضائها إياهما تمسُّكاً بقوله: (خلقكم
من نفس واحدة ثم جعل منها زَوْجَها) (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (8) ثُمَّ سَوَّاهُ) .
(وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (82) .
والاهتداء سابِق على ذلك.