قال ابن هشام: وهو التحقيق، والمعاني المذكورة مستفادة من القرائن.
الثاني: قال أبو البقاء: أو في النهي نقيضة أو في الإباحة، فيجب اجتنابُ
الأمرين، كقوله: (ولا تُطِعْ منهم آثماً أو كَفُورا) ، فلا يجوز
فعل أحدهما، فلو جمع بينهما كان فاعلاً للمنهي عنه مرّتين، لأن كل واحد منهما كان منهيّاً عنه لا أحدهما.
وقال غيره: (أو) في هذا بمعنى الواو تفيد الْجَمع.
وقال الخطيب: الأوْلى أنها على بابها، وإنما جاء التعميم فيها من النهي الذي
فيه معنى النفي، والنكرة في سياق النفي تعمُّ، لأن المعنى قبل النهي: تطيع آثماً أو كفورا، أي واحدًا منهما، فإذا جاء النهي ورد على ما كان ثابتاً، فالمعنى لا تطع واحداً منهما، فالتعميم فيها من جهة النفي، وهي على بابها.
الثالث: لكَوْن مبناها على عدم التشريك عاد الضمير إلى مفردها بالإفراد.
بخلاف الواو.
وأما قوله: (إنْ يكنْ غنيّاً أو فقيراً فاللَهُ أوْلى بهما) .
فقيل إنها بمعنى الواو.
وقيل المعنى إن يكن الخصمان غنيين أو فقيرين.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس، قال: كل شيء في القرآن فيه (أو)
فهو مخيّر، فإذا كان ممن لم يخير فهو الأول فالأول.
وأخرج البيهقي في سننه عن ابن جريج.
قال: كل شيء في القرآن فيه (أو) فالتخيير إلا قوله: (أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا) .، ليس بمخيَّر فيهما.
قال الشافعي بهذا أقول.
(أوْلَى) في قوله: (أوْلَى لكَ فأولى) .
وفي قوله: (فأوْلى لهم) ، قال في الصحاح: قولهم: أوْلى لك، كلمة تهدد ووَعيد، قال الشاعر:
" فأوْلَى ثم أوْلى ثم أولى "