الوجه الثاني: أن تكون للتعليل، نحو: (ولن يَنفَعكم اليَوْمَ إذ ظَلَمْتُم أنكم
في العذاب مشتَرِكون) ، أي ولن ينفعكم اليوم اشتراككم في
العذاب لأجل ظُلمكم في الدنيا.
وهل هي حرف بمنزلة لام العلة، أو ظرف بمعنى وقت، والتعليل مستفاد من
قوة الكلام لا من اللفظ، قولان، المنسوب إلى سيبويه الأول، وعلى الثاني في الآية إشكال، لأن إذ لا تُبْدَل من اليوم لاختلاف الزمانَيْنِ، ولا تكون ظرفاً لينفع، لأنه لا يعمل في ظرفين، ولا "مشتركون"، لأن معمول خبر أن
وأخواتها لا يتقدم عليها، ولأن معمول الصِّلَة لا يتقدم على الموصول، ولأن
اشتراكهم في الآخرة لا في زمن ظلمهم.
ومما حُمل على التعليل: (وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (11) .
(وإذ اعْتَزَلتُموهم وما يعْبدونَ إلاَّ الله فَأوُوا إلى الكهْفِ) .
وأنكر الجمهور هذا القِسْم، وقالوا: التقدير: بعد إذ ظلمْتُم.
وقال ابن جني: راجَعْتُ أبا عليٍّ مِرَاراً في قوله: (ولن ينفعكم اليوم ... ) الآية.
مستشكلا إبدال إذ من اليوم.
فآخِر ما تحصّل منه أنَّ الدنيا والآخرة متصلتان، وأنهما في حكم الله سواء، فكأن اليوم ماض.
الوجه الثالث: التوكيد، بأن تُحْمَل على الزيادة، قاله أبو عُبيدة، وتبعه ابن
قتيبة، وحملا عليه آيات منها: (إذ قال ربكَ للملائكة) .
الرابع: التحقيق كقد، وحملت عليه الآية المذكورة، وجعل منه السّهَيلي
قوله: (بعد إذ أنتم مُسلمون) .
قال ابن هشام: وليس القولان بشيء.
تلزم إذ الإضافة إلى جملة إمَّا اسمية، نحو: (واذكروا إذ أنتُم قَليلٌ) .
أو فعلية فعلها ماض لفظا أو معنى،