كالهروي، وابن أم قاسم، وابن هشام، وأنفعها هذا الكتاب البديع المثال، المنيع المقال، بنيت لك مصاعد ترتقي عليها إلى مقاصد، وتطَّلع فيه على فهم الكتاب المنزل، وفتحت لك من كنوزه كل باب مقفل.
فخُذْه كقرصة نِقْي منقى من كل خلط رديء، وكلْ إنْ كنت آكلاً، وإلا فلا تمنعه من الناقل إن لم تكن ناقلاً.
على أني ليس لي فيه مزيَّة، وإنما الفضل لمتقدمي علماء الأمة المحمدية، ملأ
اللَه قبورَهم نوراً، وزاد قلوبهم حبوراً، وأفاض من بركاتهم يوم نُلقَّى كتابنا
منشوراً، فنظرنا إليه لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، ولا خفيّة محرفة
عندنا إلا عَدَّها واستقصاها، وأسمعنا تعالى عظيم كلامه، وخاطبنا بعِتابه
ومَلاَمه.
وقال: عبدي، ادنُ مني، فدنوت منه بقَلْبٍ خافق وَجِل، فيقول:
عبدي طالماً أمرتُك فعصيتني، وأمهلتُك فا راعيتني، وخوّفتك عقابي فما خِفْتَني، وتسترتَ بالقبيح عن عبادي، وبه بارزتَني.
ألم أكن على قلبك وجوارحك رقيبا.
أقرأ كتابَك كفَى بنفسك الْيَوْمَ عليك حسيباً.
فهناك يخرس اللسان، وتطيش العقول والأذهان، ولا تطيق من الهيبة البيان.
بل تشهد جوارحُ الإنسان.
اللهم إنك تعلم أنه ليس لي مَنْ ينقذني مِن والد علم ولا وَلَدِ علم في ذلك الموقف العظيم غير الاشتغال بخدمة كتابك، واستخراج زُبَده ودُرَره، واقتطاف ثمره وأزهاره.
فاجعله لنا شافعا مشفّعاً، وخصوصاً هذا الكتاب، فإني أودعت فيه فنون العلوم على تنوُّعها، ومررْتُ على رياض التفاسير على كثرة عددها، وختمته بأقوال كلية، فخلصت سبائكها، وفوائد مهمة
سبكت تِبْرَها، وأقوال محمدية على بعض آياتك رجاء بركتها، لأن بركة الكتاب خَتْمه.
فختمته بما صحَّ من التفسير عن نبيك البشير النذير، السراج المنير، راجياً
منك حُسْنَ الخاتمة على دينك المستقيم، فلا تُزغْ قلوبنا بعد إذْ هَدَيْتَنَا على
صراطك القويم، بجاه سيدنا ومولانا الفاتح الخاتم منقذنا من العذاب الأليم.
صلى اللَّهُ عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وأمته أفضل صلاة وأزكى تسليم.
تم الجزء الأوَّل، ويليه إن شاء الله الجزء الثاني وأوَّله حرف الهمزة.