وحكى الثعلي عن أهل الإشارة أنه تعالى غافر الذنب فَضْلاً، وقابل التوب

وَعْداً، شديد العقاب عَدْلاً.

فإن قلت: ما بال الواو في قوله: (وقابل التَّوْب) ، قلت: فيها نكتة جليلة.

وهي إفادة الجمع للمذنب التائب بين رحمتين، بين أن تُقبل توبته فيكتبها له

طاعة من الطاعات، وأن يجعلها ممحاة للذنوب كأن لم يذنب، كأنه قال: جامع المغفرة والقبول.

وحكى الطبري عن أبي عيّاش أن رجلاً جاء إلى عمر رضي الله عنه، فقال:

إني قتلتُ نفساً فهل لي من توبة، فقال: نعم، افعل ولا تيأس.

ثم قرأ هذه الآية إلى قوله: (غافر الذنب وقابل التَّوْب) .

وروي أنه افتقد رجلاً ذا بأس شديد من أهل الشام، فقيل: له تتابع في هذا

الشراب.

فقال عمر لكاتبه: اكتب من عمر إلى فلان: سلام عليك، وأنا أحمد

الله إليك الذي لا إله إلا هو: بسم الله الرحمن الرحيم (حم تنزيل الكتاب من

الله العزيز العليم، غافر الذّنْبِ وقَابلِ التَّوْب) ... إلى قوله: (إليه المَصِير) .

وختم الكتاب وقال لرسوله: لا تدفعه إليه حتى تجده صاحياً، ثم أمر مَنْ

عنده بالدعاء له بالتوبة.

فلما أتته الصحيفة جعل يقرؤها ويقول: قد وعدني.

قد وعدني الله أن يغفر لي، وحذّرَني عقابه، فلم يبرح يرددها حتى بكى، ثم نزع فأحسن النزوع، وحسنتْ توبته.

فلما بلغ عمر أمْرُه قال: هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أخاكم قد زلّ زلة فسدّدوه، ووقِّفوه، وادعوا الله له أن يتوب عليه، ولا تكونوا أعواناً للشياطين عليه.

أخذ ذلك من الحديث الذي أمر - صلى الله عليه وسلم - برجمه فقالوا: أخزاه الله.

فقال - صلى الله عليه وسلم -: هَلاَ قلتم اللهم اغفر له! لا تكونوا عوناً للشيطان على أخيكم.

وقيل: أرجى آيةٍ آية الدَّيْن، ووجهه أنَّ اللهَ أرشد عبادَه إلى مصالحهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015