ومِن ثَمَّ كان خطأ مَنْ جعل قسماً باللَه: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) .
(ادع لنا ربكَ بما عهِد عِنْدَك) .
(بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ) .
وقال ابن القيّم: اعلم أنه سبحانه يقسم بأمور على أمور، وإنما يقسم بنفسه
المقدسة الموصوفة بصفاته أو بآياته المستلزمة لذاته وصفاته، وإقسامُه ببعض
المخلوقات دليل على أنه من عظيم آياته.
فالقَسَم إما على جملة خبرية، وهو الغالب، كقوله: (فَوَرَبِّ السماء والأرض إنَّه لَحق) .
وإما على جملة طلبية، كقوله: (فوَرَبِّك لَنَسْألنَّهمْ أجمعين) .
مع أن هذا القسم قد يراد به تحقيق المقسم عليه، فيكون من باب الخبر، وقد يراد به تحقيق المقسم، فالقسم عليه يُراد بالقسم توكيده وتحقيقه، فلا بد أن يكون مما نحن فيه، وذلك كالأمور الغائبة الخفيّة، إذا أقسم على ثبوتها.
فأما الأمور المشهودة الظاهرة، كالشمس، والليل، والنهار، والسماء، والأرض - فهذه يقسم بها ولا يُقْسَم عليها.
وما أقسم عليه الرب فهو من آياته، فيجوز أن يكون مقسَماً
به، ولا ينعكس.
وهو سبحانه يذكر جواب القسم تارة وهو الغالب، ويحذفه أخرى كما
يحذف جواب " لو " كثيراً للعلم.
ولما كان القسم يكثر في الكلام اختصر، فصار فعل القسم يحذف ويكتفى
بالباء، تم عوّض من الباء الواو في الأسماء الظاهرة، والتاء في اسم الله، كقوله: (وتاللهِ لأَكيدَنَّ أصْنَامَكم) .
قال: ثم هو سبحانه يقسم على أصول الإيمان التي يجب على الخلق صرفتها، وتارة يقسم على التوحيد، وتارة يُقسم على أن القرآن حق، وتارة على أن الرسول حق، وتارة على الجزاء والوعد والوعيد، وتارة على حال الإنسان.
فالأول كقوله: (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1) ...
إلى قوله: (إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4) .