فالجملة الوسطى احتراس لئلا يتوهم أن التكذيب في نفس الأمر.
قال في عروس الأفراح:
فإن قلت: كلّ من ذلك أفاد معنى جديداً، فلا يكون إطنابا.
قلت: هو إطناب لما قبله من حيث رفع توهّم غيره، وإن كان له معنى في
نفسه.
وهو أن يؤتى في كلام لا يوهم غير المراد بفَضْلةٍ تفيد نكتة، كالمبالغة في
قوله: (ويُطعِمُون الطعامَ على حُبِّه) ، أي مع حب الطعام أي
اشتهائه، فإن الإطعام حينئذ أكثر أجراً.
ومثله: (وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ
) .
(وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ)
، فقوله: (وهو مُؤمِن) تتميم في غاية الحسن.
وهو أن يتناول المتكلم معنى يستقصيه، فيأتي بجميع عوارضه ولوازمه بعد أن
يستقصي جميع أوصافه الذاتية، بحيث لم يترك بعده فيه مقالاً، كقوله تعالى:
(أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ) .
فإنه لو اقتصر على قوله: (جَنَّةٌ) لكان كافياً، فلم يقف عند ذلك حتى قال في تفسيرها: (مِنْ نخيل وأعناب) ، فإنَّ مصاب صاحبها بها أعظم، ثم زاد: تجري من تحتها الأنهار - متمماً لوصفها بذلك، ثم كمل وصفها بعد التتميمين، فقال: (لهُ فيها مِنْ كلِّ الثمرات) ، فأتى بكل ما يكون في الجنان ليشتد الأسفُ على إفسادها.
ثم قال في وصف صاحبها: وأصابه الكبر، ثم استقصى المعنى في ذلك بما
يوجب تعظيم المصاب بقوله بعد وصفه بالكبر: (وله ذُرّيةٌ ضُعَفاء) .
ولم يقف