أحدها: إيجاز القصر، وهو أن يُقصر اللفظ على معناه، كقوله تعالى: (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) .
جمع في أحرف العنوان والكتاب والحاجة.
وقيل في وصف بليغ: كانت ألفاظه قوالبَ معناه.
قلت: وهذا رأي من يدخِل، المساواة في الإيجاز.
الثاني: إيجاز التقدير، وهو أن يقدر معنى زائداً على المنطوق، ويسمى
بالتضييق أيضاً، وبه سماه بدر الدين بن مالك في الصباح، لأنه نقص من الكلام ما صار لفظه أضيق من قدر معناه، نحو: (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ) ، أي خطاياه غُفرت، فهي له لا عليه.
(هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) ، أي الضالين الصائرين بعد الضلال إلى التقوى.
الثالث: الإيجاز الجامع، وهو أن يحتويَ اللفظُ على معان متعددة، نحو: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ) .
فإن العدل هو الصراط المستقيم التوسطَ بين طرفي الإفراط والتفريط المؤدي به إلى جميع الواجبات في الاعتقاد والأخلاق والعبودية.
والإحسان هو الإخلاص في واجبات العبودية لتفسيره في الحديث بقوله: أنْ تَعْبدَ اللهَ كأنكَ ترَاه، أي تعبده مخلصاً في نيتك، وواقفاً في الخضوع، آخذاً أهْبَة الحذر إلى ما لا يُحصى، " وإيتاءِ ذي القُرْبى " هو الزيادة على الواجب من النوافل، هذا في الأوامر.
وأما النواهي فـ "بالفحشاء" الإشارة إلى القوة الشهوانية، وبالمنكر إلى الإفراط الحاصل من آثار الغضبية أو كل محرم شرعاً، وبالبغي إلى الاستعلاء الفائق من ألوهيته.
قلت: ولهذا قال ابن مسعود: ما في القرآن آية أجمع للخير والشر من هذه
الآية.
أخرجه في المستدرك.
وروى البيهقي في شعب الإيمان عن الحسن أنه قرأها ثم وقف فقال: إن الله جمع لكم الخير والشر كله في آية واحدة،