وهل الإجمال في المعنى المراد دون لفظها، لأن لفظ البيع اسم لغوي
معناه معقول، لكن لما قام بإزائه من السنّة ما يعارضه تدافع العمومان ولم يتعين المراد إلا ببيان السنة، فصار مجملاً لذلك دون اللفظ، أو في اللفظ أيضاً، لأنه لما لم يكن المراد منه ما وقع عليه الاسم وكانت له شرائط غير معقولة في اللغة كان مشكلاً أيضاً، وجهان.
قال: وعلى الوجهين لا يجوز الاستدلالُ بها على صحة بَيْع ولا فساده، وإن
دلت على صحة البيع من أصله.
قال: وهذا هو الفرق بين العموم والمجمل حيث
جاز الاستدلال بظاهر العموم ولم يجز الاستدلال بظاهر المجمل.
والقول الثالث أنها عامة جملة معاً، قال: واختُلِف في وجه ذلك على أوجه:
أحدها: أن العموم في اللفظ، والإجمال في المعنى، فيكون اللفظ عاماً
مخصوصاً، والمعنى مجملاً لَحِقَه التفسير.
والثاني: أن العموم في: وأحلَّ اللهُ البَيْعَ، والإجمال في: وحرّم الربا.
والثالث: أنه كان جملاً، فلما بيَّنه النبي - صلى الله عليه وسلم - صارَ عامًّا فيكون داخلا في المجمل قبل البيان، وفي العموم بعد البيان، فعلى هذا يجوز الاستدلال بظاهرها في البيوع المختلف فيها.
والقول الرابع: أنها تناولت بيعاً معهوداً، ونزلت بعد أن أحل النبي - صلى الله عليه وسلم - بيوعاً وحرم بيوعاً، فاللام للعهد، فعلى هذا لا يجوز الاستدلال بظاهرها.
ومنها الآيات التي فيها الأسماء الشرعية، نحو: (وأقيموا الصلاةَ وآتوا
الزكاة) .
(فمن شهدَ منكم الشَّهْر فَلْيَصُمْه) .
(وللهِ على الناس حِج البيتِ مَنِ استطاع إليه سبيلا) .
قيل: إنها مجملة لاحتمال الصلاة لكل دعاء، والصيام لكل إمساك، والحج
لكل قَصْد، والمراد بها لا تدل عليه اللغة، فافتقرت إلى البيان.
وقيل: لا، بل تُحمل على كل ما ذكر إلا ما خص بدليل.