والجواب: أن إخبار بعضهم بآية الربا بأنها ختام الآيات المنزّلة في الربا، إذ هي معطوفة عليها والآخرى في آخر النساء مقيّدة بما يتعلق بالمواريث بخلاف آية البقرة، ويحتمل عكسه.
والأول أرجح لما في آية البقرة من الإشارة إلى معنى الوفاة المستلزمة لخاتمة النزول.
قال البيهقي: يجْمع بين هذه الاختلافات إن صحّت الرواية أن كل واحد
أجاب بما عنده.
وقال القاضي أبو بكر في الانتصار: هذه الأقوالُ ليس فيها شيء مرفوع إلى
النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكلٌّ قاله عن الاجتهاد وغلبة الظن.
ويحتمل أنَّ كلاًّ منهم أخبر عن آخر ما سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - في اليوم الذي مات فيه أو قبل مرضه بقليل، وغيره سمع منه بعد ذلك، وإن لم يسمعه.
ويحتمل أيضاً أن تنزل الآية التي هي آخر آية تلاها الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - مع آياتٍ نزلت معها فيأمر برَسْمِ ما نزل معها بعد رَسْمِ
تلك، فيظن أنه آخر ما نزل في الترتيب.
ومن غريب ما ورد في ذلك ما أخرجه ابن جرير عن معاوية بن أبي سفيان
أنه تلى هذه الآية: (فمَنْ كان يَرْجُو لِقَاءَ ربه) .
وقال: إنها آخر آية نزلت من القرآن.
قال ابن كثير: هذا آخر مشكل، ولعله أراد أنه لم ينزل بعدها آية تنسخها ولا تغيّر حكمها، بل هي مثبتة محكمة.
ولنختم هذا الكتاب بما ختم اللهُ كتابَه آمِراً لنبيه بالاستعاذة من شَرِّ الحاسد
الذي غلب عليه الجهْل وطمّه، وأعماه حبّ الرياسة وصَمَّهُ لحَمْلِه على الاعتراض عليَّ، وينسب ما يرى فيه من التكرار والنقص إليّ.
ولعمري لو علم ما أنا فيه من شغل البال، وتغيّر البلبال لالْتَمس لي عُذْراً، وصفح عما يرى فيه من التقصير ستراً.
لكن الواجب على مَنْ كان في زمان يتلاعب به الجهال والصبيان.
والكامل عندهم مذموم داخل في كفَّةِ النقصان، أن يلزَم فيه السكوت، ويصير حلْساً من أحلاس البيوت، ويردّ العلم إلى العمل، ولا يتقاعس في القعود مع أهْل الكسل، لكن أرْقُب ممن مَنَّ عليَّ بتلخيص هذا التفسير مع بعض زيادات