فصيح أن يتكلم به في موضعه، ولا يجد ما يقوم مقامه.
وأي فصاحة أبلغ من ألا يوجد غيره مثله، انتهى.
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام - بعد أن حكى القول بالوقوع عن الفقهاء
والمنع عن أهل العربية: والصواب عندي مذهبٌ فيه تصديق القولين جميعاً.
وذلك أن هذه الأحرف أصولها أعجمية كما قال الفقهاء، لكنها وقعت للعرب، فَعَرّبَتْها بألسنتها، وحولتها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظها، فصارت عربية، ثم نزل القرآن وقد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب، فمن قال: إنها عربية فهو صادق، ومن قال: عجمية فصادق.
ومال إلى هذا القول الجواليقي، وابن الجوزي، وآخرون.
وهذه الألفاظ الواردة في القرآن بغير لغة الحجاز.
وأما ما وقع فيه بغير لغة العرب فنذكر تفسير الغريب على حروف المعجم.
أخرج أبو عبيد من طريق عكرمة، عن ابن عباس، في قوله: (وأنْتمْ
سامِدون) النجم: 161، قال الغناء.
وهي لغة يمانية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: هي بالحميرية.
وأخرج أبو عبيد عن الحسن، قال: كُنَّا لا ندري ما الأرائك حتى لَقِيَنَا رجلٌ
من أهل اليمن فأخبرنا أن الأريكة عندهم هي الحجَلة فيها السرير.
وأخرج عن الضحاك في قوله: (وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15)
قال: ستوره بلغة أهل اليمن.
وأخرج عن عكرمة في قوله: (وزوَّجْنَاهم بحورٍ عِين) .
قال: هي لغة يمانية، وذلك أن أهل اليمن يقولون: زوجنا فلاناً بفلانة.
قال الراغب في مفرداته: ولم يجيء في القرآن زوجناهم حوراً كما يقال زوجته امرأة، تنبيهاً على أن ذلك لا يكون على حسب المتعارف فما بيننا بالمناكحة.
وأخرج عن الحسن في قوله: (لو أردنا أنْ نتَّخِذَ لَهْواً) .
قال: اللهو بلسان اليمن المرأة.