وقال بعضهم: كلّ صوم فيه فمن العبادة، إلا: (نَذَرْتُ للرحمن صوْماً) ، أي صَمْتاً.
وكلّ ما فيه من (الظلمات والنور) فالمرادُ الكفر والإيمان إلا التي في أول
الأنعام فالمرادُ ظلمة الليل ونور النهار.
وكلّ (إنفاق) فيه فهو الصدقَةُ إلا: (فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا) ، فالمراد به الْمَهْر.
وقال الداني: كلّ ما فيه من (الحضور) فهو بالضاد من المشاهدة إلا
موضعاً واحداً فإنه بالظاء من الاحتظار، وهو قوله: (كهَشِيمِ الْمُحْتَظِر) .
وقال ابن خالويه: ليس في القرآن (بعد) بمعنى قَبْل إلا حرفاً واحداً:
(ولقد كتَبْنَا في الزَّبُورِ مِنْ بَعْد الذكْرِ) .
وقال غيره: قد وجدنا حرفاً آخر، وهو قوله: (والأرْضَ بعْدَ ذلِكَ دَحَاهَا) .
قال أبو موسى في كتاب المغيث: معناه هنا (قبل) ، لأنه تعالى خلق
الأَرض في يومين ثم استوى إلى السماء، فعلى هذا خلق الأرْضَ قبل خَلْق السماء.
قُلت: قد تعرض النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة والتابعون لشيء من هذا النوع، فأخرج الإمامُ أحمد في مسنده، وابنُ أبي حاتم وغيرهما من طريق درَّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخُدْري، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " كلّ حرف في القرآن يذكر فيه القنوت فهو الطاعة ".
هذا إسناد جيد، وابن حِبَّان يصحِّحهُ.
وأخرج ابنُ أبي حاتم، من طريق عكرمة، عن ابن عباس، قال: كلّ شيء في
القرآن (أليم) فهو الموجع.
وأخرج من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قال: كلّ شيء في
القرآن (قتل) فهو لعن.