الشّرَط والْجَلاَوِزة وشِبْههم، تراهم طولَ يومهم يروعون الناس، ويغضبون في وجوههم، فهؤلاء مُسخوا على صورة الكلاب، ومنهم على صورة الخنازير، وهم أهل القَذَارة والبلادة، وهكذا تَتَبع بنظرك صفةَ كل شخص في خَلْقه تستدلّ بذلك على مسخ قلبه ما هو.
وقد يبقى متحيِّرا لا مَسْخَ في قلبه، إِلا أن قلبه قد مات، وقد أخبر بذلك الصادقُ المصدوق في قوله:
" يأتي على الناس زمان يموت فيه قلْبُ المرء كما يموت بَدَنُه، أو كما قال - صلى الله عليه وسلم.
لأن القلب إذا لم تبق فيه تلك الحرارةُ الغريزية حتى يَفْقَه مصالِحه فهو ميت، وقد يكون موته حقيقياً. والله أعلم.
والقدرةُ صالحة أن يكون حسيًّا أو معنويا، فإنه إذا لم ينتفع بقلبه في النوع
الذي أرِيد منه، وتوالَتْ عليه الشهواتُ حتى لا يَرَى إلا هي، فذلك مَوْتُه، لأن الفائدة التي في حياة القلب معدومة منه، ولذلك شبه - صلى الله عليه وسلم - الذاكر به بالْحَي، والغافل بالميت، واحتمل أن يكون موته حسيًّا حيث شاء الله كما ييبس عُضْو من أعضاء الشخص مثل يَده أو رِجله أو غيره من الجوارح، وباقي بَدنه صحيح القُدْرة صالح.
وقد ذكر بعضُ شُرًاح البخاري عن بعض مَنْ سمع الحديث: أمَا يخشى الذي
يرفع رَأسه قبل الإمام في الصلاة أن يحوِّل الله رأسه رَأسَ حمار! فاستَهْوَنه، ورفع رأسه امتحاناً بما صحَّ عن الصادق المصدوق، فحوَّل اللهُ رَأسَه رَأسَ حمار، وصار عجباً ينظر إليه.
فإن قلت: قد صح أنه - صلى الله عليه وسلم - أمان من المسخ، فكيف يمسخ هذا، وما معنى الحديث؟
فالجواب: أن معناه تحويل بعض الأجزاء من الإنسان لا مَسْخه كله، وهَبْ
أنه مُسخ كله فهو أمَان في الغالب وفي جميع الأمة، وأما في بعض الأفراد
فممكن والله أعلم.
وإذا تأمَّلْتَ إخبارَ الله لرسوله في أصحاب السبت في مواضع
تَجد ذلك تحريضاً وتأكيداً للنهي عن ارتكاب ما حَرّم الله ورسوله، أوّلها قوله: